على ثبوت الترجيح أو التّخيير في المقام يكشف عن أنّ الشّارع لم يجعل
الاستصحاب حجّة و إلاّ لزم اللّغوية حيث إنّ المفروض عدم جوازالأخذ به و لو
في الجملة فيكون جعله عبثا و قبيحا على الشّارع لو لم يرجع إلى الاستحالة
الذّاتيّة بالملاحظة المذكورة ثمّلا يخفى عليك أنّ الجواب عن هذا الوجه ما
ذكره المحقّق قدس سره من أنّ التّعارض الدّائمي ممنوع و التّعارض في
الجملة لا ينافي الحجيّة فإنّهو إن نوقش فيما وقع في كلماتهم بما أفاده
قدس سره من فرض التّعارض و مثاله إلاّ أنّه لا يمكن إنكاره رأسا كما هو
ظاهر فالجواب هو ما ذكرهحقيقة بل يمكن أن يقال إنّ التّعارض في بعض
الموارد مضافا إلى عدم منافاته للحجيّة يؤكّدها و يثبتها فافهم في بيان المراد من الأثر الحادث
قوله
إذ قلّماينفكّ مستصحب عن أثر حادث إلخ(1) أقول
المراد بالأثر الحادث هو الأثر الغير المترتّب على وجود المستصحب في
الزّمان السّابقمنجّزا بل على وجوده في زمان الشّك كاستصحاب حياة زيد
للحكم بتوريته عن مورثه الميّت و كاستصحاب طهارة الماء للحكم
بحصولالتّطهير للمغسول به في حال الشّك و كاستصحاب الطّهارة للحكم بجواز
الصّلاة في حال الشّك إلى غير ذلك فإنّ هذه الآثار لم يكنمترتّبة على
المستصحب في الزّمان السّابق تنجيزا و إن ترتّبت عليه تعليقا ثمّ إنّ الوجه
في تقييد الأثر بالحادث حسب ما صرّحبه في مجلس البحث هو أنّ الأثر
المترتّب على المستصحب في زمان اليقين يمكن أن يجعل نفسه موردا للاستصحاب
على مذاق بعض و إن لميجز عندنا من حيث إنّ الشّك فيه مسبّب عن الشّك في
بقاء الموضوع فمع إمكان جريان الاستصحاب فيه لا معنى لإجراء الاستصحابفي
أثره كما ستقف عليه بل التّحقيق أنّ استصحاب الموضوع لا معنى له إلاّ جعل
أحكامه و أنّه فيما كان الشّك في الحكم مسبّبا عن الشّكفي الموضوع لم يجز
إجراء الاستصحاب في الحكم سواء جرى الاستصحاب في الموضوع أم لا و على كلّ
تقدير لم يكن معنى لجريان الاستصحاببالنّسبة إلى عدم تلك الآثار حتّى
يعارض استصحاب الموضوع و من هنا قد يتأمّل في صدق الغلبة بالنّسبة إلى
موارد التّعارض قوله
و توهّم إمكان العكس مدفوع إلخ(2) أقول
من الواضحات الغير المحتاجة إلى البيان أنّه بعد فرض تسبّب الشّك في
أحدالشّيئين عن الشّك في الآخر لا يمكن أن يحصل الظّن في الشّك المسبّبي
على خلاف الشّك السّببي بحيث يوجب رفعه ضرورةاقتضاء التبعيّة و السّببيّة
تفرّع المسبّب على السّبب وجودا و بقاء بل لا يمكن أن يحصل فيه الظّن على
وفق الظّن الحاصل فيالشّك السّببي من غير جهته لما قد عرفت من العلّة نعم
لا ينبغي الإشكال في إمكان حصول الظّن في الشّك المسبّبي علىخلاف الظّن
الحاصل في الشّك السّببي من غير جهة الحالة السّابقة كان يحصل الظّن بنجاسة
الثّوب المغسول في الماء المستصحبالطّهارة من جهة الظّن بملاقاته
للنّجاسة من الخارج كما أنّه لا ينبغي الإشكال في إمكان حصول الظّن في
الشّك السّببي من غير أنيسري إلى الشّك المسبّبي من الخارج لا من الحالة
السّابقة فإنّه يمتنع الانفكاك بالنّظر إليها القضيّة التّبعيّة كان يحصل
الظّنبنجاسة الماء المذكور من جهة ملاقاته للنّجاسة المتأثّرة بعد الغسل
أو طهارته من جهة الظّن بتطهّره بعد الغسل هذا وانتظر لبقيّة الكلام فيما
يتكلّم فيه الأستاذ العلاّمة فيما بعد في المناقشة على ما أفاده المصنف من حكومة أحد الأصلين على الآخر
قوله
و منه يظهر معارضة استصحاب وجوب المضيّ إلخ(3) أقول
لا يخفى عليك أنّ ظاهر هذا الكلام جعل الشّك في انتقاض التّيمم بوجدان
الماء مسبّبا عن الشّك في وجوب المضي و حكومة الأصلفيه على الأصل في
انتقاض التّيمّم على ما هو قضيّة السّببيّة و لكن الّذي يختلج بالبال كون
الشّك في الثاني مسبّبا عن الشّكفي الأوّل على عكس ما يقتضيه ظاهر كلام
شيخنا الأستاذ العلاّمة فالاستصحاب في الأوّل لو كان جاريا كان حاكما على
الاستصحابفي الثّاني لكن الّذي يقتضيه التّحقيق عدم جريانه كما يظهر وجهه
بأدنى تأمّل و على كلّ تقدير لا معنى للمعارضة بينهما نعملو لم يكن الشّك
في أحدهما مسبّبا عن الشّك في الآخر كانت المعارضة بينهما في محلّه و اللّه
العالم و يمكن أن يحمل ما أفاده في الكتابعلى مجرّد نفي التّعارض بين
الأصلين على تقدير جريانهما لا على حكومة استصحاب وجوب المضيّ على استصحاب
النّاقضيّة الرّاجع إلىالاستصحاب التّقديري في وجه فلا ينافي استناد منع
التّعارض إلى حكومة الثّاني على الأوّل على ما عرفت بيانه فتأمّل قوله
و الجواب عنه أوّلا اشتراك هذا الإيراد إلخ(4) أقول
لا يخفى عليك ما في هذا الجواب حيث إنّه تقدّم منه دام ظلّهاستناد منع
تحقّق الإجماع بهذا الدّليل من المنكر مطلقا نعم لو كان هذا الدّليل ممّن
يدّعي الإجماع كان هذا الجواب صحيحا و لم يعلمذلك بل المعلوم خلافه ثمّ
إنّ ما ذكره في توجيه الجمع من قوله أو يقال إنّ الإجماع إنّما هو إلى آخره
فيه ما لا يخفى على المتأمّل فإنّهلا فرق في اعتباره البراءة بين
الشّبهات الحكميّة و الموضوعيّة بل الشّبهات الموضوعيّة أولى باعتبار
البراءة فيها لوقوع الخلاففي الشّبهات الحكميّة من أصحابنا الأخباريّين في
الجملة نعم ما ذكره أوّلا ممّا لا إشكال فيه بناء على ما هو التّحقيق من
عدم