و المفسدة فاسد جدا و لعل المصوبة لا ينكرون ثبوت هذا المعنى أيضا كما عرفت الإشارة إليه في الجزء الأول من التعليقة في الجواب الثاني عن التناقض
الثاني
ما وقفنا عليه في كلمات بعض من قارب عصرنا و اشتهر و تداول في ألسنة طلبة
عصرنا من التصرف في الحكم الظاهري عكس الوجه الأولالراجع إلى التصرف في
الحكم الواقعي و هو كونه عبارة عن مجرد المعذورية في مخالفة الواقع فهو
إخبار حقيقة عن المعذورية و توسعة للمكلفينفي عدم تعين تحصيل الواقع عليهم
و يزيدك وضوحا كون الأوامر المتعلقة بالطرق إرشاديا صرفا و أن السالك منها
تصل إلى الواقع غالباو أنه معذور في مخالفته على تقدير خطاء الطريق فهي
إخبار حقيقة عن هذا المعنى لا أن يكون لها جهة إلزام و مولوية بحيث يكون في
موردهامصلحة ملزمة لجعل الحكم و هو كما ترى كسابقه فإن القول بكون جعل
الحكم الظاهري راجعا إلى المعذورية مطلقا كما ترى فكيفيجعل الخطاب الوارد
في باب الاستصحاب بحرمة النقض على المعذورية الصرفة و كذلك الخطاب الوجوبي
في باب الاحتياط عليها و كذلك الخطابالمتعلق بوجوب العمل بالطرق الشرعية
نعم لا ننكر كون حكم العقل في باب البراءة راجعا إلى المعذورية لا أن يكون
الأمر كذلك مطلقا و أماحديث كون الخطاب المتعلق بالطريق إرشاديا فهو أجنبي
عن المقام لما بينا في مسألة امتناع اجتماع الحكمين من عدم الفرق بين
الإرشادي و غيرهنعم من جعل الطلب الإرشادي إخبارا صرفا بصورة الإنشاء كبعض
أفاضل مقاربي عصرنا في ظاهر كلامه في الفصول تبعا لظاهر أخيهالمحقق
المحشي قدس سرهما فهو مستريح عن توجه هذا الإشكال في الجملة لكن المبنى
فاسد عندنا على ما أسمعناك شرح القول فيه في الجزء الأولمن التعليقة في الجواب الثالث عن التناقض
الثالث
ما عرفت الإشارة إليه في طي الإشكال من أن الحكم الواقعي لم يتعلق
بالموضوع النفس الأمري بملاحظة عمومهو شموله لحالتي العلم بالحكم و الجهل
به كيف و هما متأخران من مرتبة الجعل و لذا لا يمكن اعتبارهما فيه فلا يمكن
ملاحظة العموم و الإطلاق بالنسبةإليهما بل إنما هو متعلق به بالحيثية
التجريدية عن جميع الاعتبارات و الملاحظات المتأخرة عن جعله حتى ملاحظة
العموم و الإطلاق فلا يصح أن يقالإنه يعرض الموضوع بعنوان لا بشرط و الحكم
الظاهري يعرضه بعنوان بشرط شيء فيجتمعان عند الجهل فإن كانا متوافقين
فيؤكد الحكم الواقعيبالحكم الظاهري و إن كانا متخالفين فيئول إلى اجتماع
الضدين كما هو مبنى الإشكال فالموجود و إن كان حكمين في صورة الجهل إلا أن
كل حكمموجود في موضوعه و ليس موضوع الحكم الظاهري من جزئيات موضوع الحكم
الواقعي و أفراده حتى يتصادقا لما عرفت من استحالة ذلك غايةما هناك تحقق
الحكم الظاهري في مورد وجود الحكم الواقعي في موضوعه فيئول إلى الاجتماع
الموردي المجوز بالاتفاق لا المصداق الممنوععند المحققين هذه غاية ما يقال
في تقريب هذا الوجه و أنت خبير بفساده أيضا لأن عروض الحكم الواقعي لفعل
المكلف الذي هو الموضوعللأحكام الشرعية و لحوقه به و إن كان لذاته من حيث
هي هي لحوقا أوليا حتى أنه لا يلاحظ فيه جهة اللابشرطية القسمية و العموم
لما ذكر فيالجواب من عدم كون الحالتين في مرتبة الحكم الواقعي و موضوعه
إلا أنه لا شبهة في عروض الحكم الظاهري لفعل المكلف أيضا و إن كانبواسطة
الجهل أو الظن و من الواضح البين عدم تعدد معروض الحكمين في الوجود الخارجي
بحيث كان معروض الحكم الواقعي موجودا و معروضالحكم الظاهري موجودا آخر
مغايرين في الخارج و إن كان المعروضان متمايزين مفهوما و في الذهن و مدار
الإمكان و الاستحالة على تعددموضوع الحكمين في الخارج و وحدته فيه لا مجرد
تغايرهما مفهوما كيف و الغصب و الصلاة لا إشكال في تغايرهما بحسب
المفهومفالاجتماع الموردي المتوهم كالصلاة و النظر إلى الأجنبية حال
الصلاة أو الوضوء و الغسل و النظر إليهما في حالهما أجنبي عن المقام
لأنالفعلين في الاجتماع الموردي متمايزان في الخارج مضافا إلى اختلافهما
مفهوما و ليس هناك فعل واحد مصداق لهما فهذا الوجهأيضا لا محصل له أصلا و
إن كان ربما يجري في لسان شيخنا قدس سره لدفع الإشكال في مجلس البحث في الجواب الرابع و الخامس عن التناقض
الرابع
ما أشرنا إليه أيضا في طيتقرير الإشكال من كون وجود الحكم الظاهري مشروطا
بموافقته للواقع فعند المخالفة له ليس هناك إلا حكم واحد و إن كان
المكلفمأمورا بالبناء على الموافقة و ترتيب آثار الواقع دائما ما لم ينكشف
الخلاف و قد عرفت الإشارة إلى ضعف هذا الوجه أيضا و أنه لا يمكناعتبار
موافقة الواقع في الحكم الظاهري كيف و لازمه ثبوت الحكم الظاهري مع العلم
بوجود الشرط و هو الموافقة و هو محال و خلفلأن المعتبر في موضوع الحكم
الظاهري الجهل بالواقع وافقه أو خالفه فافهم الخامس
ما قد يتوهم أو يقال في المقام و في مسألةاجتماع الحكم الفعلي مع الحكم
الواقعي على الخلاف في مسألة اجتماع الأمر و النهي من أن استحالة اجتماع
الحكمين إنما هي من جهة عدم إمكانامتثالهما و عجز المكلف عنه فإذا كان
أحدهما واقعيا لم ينجز التكليف به و الآخر فعليا أو ظاهريا لم يجب امتثال
الحكم الواقعي فيهمافلا مانع من اجتماعهما و من هنا ذكر غير واحد حتى صاحب
المعالم أن الواجب التوصلي يجتمع مع الحرام و ليس هذا إلا من جهة كون
الحرام مسقطاللواجب و أنه لا يقصد منه الامتثال عن المكلف هذا و أنت خبير
بفساد هذا الوجه أيضا لابتنائه على عدم التضاد بين الأحكام