في الجواز مع التّمكن عن الظّن المطلق إنّما هو بعد البناء على عدمه مع
التّمكن من الظّن الخاصّ كما أنّ التكلّم فيما لا يتوقّف على التّكرار في
كلّ من المقاماتالثّلاثة إنّما هو بعد البناء على المنع فيما يتوقّف على
التّكرار بناء على ما أفاده شيخنا الأستاذ العلاّمة من كونه أولى بالمنع
ممّا لا يتوقّف الاحتياطفيه على تكرار العمل الكلام فيما يحكم به العقل في باب إطاعة مطلق الأوامر المتوجّهة من الموالي إلى العبيد
ثمّ
إنّ البحث في المقام لما كان في حصول الإطاعة و الامتثال بسلوك سبيل
الاحتياط و إحراز الواقع به مع التّمكن من سلوكغيره من الطّرق المعتبرة و
تحصيل الواقع على طبقها لا فيما لا يتمكّن منه فإنّه ليس محلاّ للكلام قطعا
لاتّفاقهم على الجواز إلاّ ما يحكى عن الحلّي في بعضالموارد على ما أشار
إليه قدّس سرّه فالمرجع في المسألة حكم العقل و بناء العقلاء الكاشف عنه و
حيث إنّ حكم العقل بكفاية الامتثال الإجماليفي الشّرعيات في محلّ البحث
قياسا لها بالامتثال في الأوامر الصّادرة من الموالي إلى العبيد في
العرفيّات إنّما هو فيما لم يرد من الشّرع منع عنه كاشفعن اختيار الشّارع
في إطاعة أحكامه وجها خاصّا مغايرا لما يسلكه العبيد في إطاعة أوامر المولى
فلا بدّ من أن يتكلّم أوّلا فيما يحكم به العقل فيالمقام من حيث حكمه في
باب إطاعة أمر المولى بقول مطلق ثمّ نتكلّم في أنّ للشّارع طريقا خاصّا
مخترعا في باب الإطاعة أم لا فنقول
لا ينبغيالارتياب في حصول الإطاعة عقلا و عند العقلاء بإتيان شيئين يعلم
بكون أحدهما مطلوبا للمولى إذا كان الدّاعي امتثال الأمر المتوجّه
إلىالعبيد مع التّمكن من تشخيص المأمور به و تمييزه عن غيره و لو بالسّؤال
عن المولى من غير فرق في ذلك بين موارد اشتباه الحكم أو الموضوع و
بينتوقّف الإطاعة الإجماليّة على التّكرار و إيجاد فعلين أو أفعال كما
عرفته من المثال أو عدم توقّفها على ذلك كما في مورد دوران الأمر بين
الأقلّو الأكثر في الشّبهة الحكميّة أو الموضوعيّة إذا أتي بالأكثر
احتياطا مع التّمكن من معرفة المأمور به بالعلم التّفصيلي و هذا هو المراد
بالقاعدةفي قوله المتقدّم فنقول مقتضى القاعدة إلى آخره نعم
لو كان العقل واقفا في ذلك حكم حكما قطعيّا بعدم الاكتفاء بالامتثال
الإجمالي معالتّمكن من الامتثال التّفصيلي و إن احتمل الاكتفاء به عند
الشّارع نعم
لو ثبت الاكتفاء به عند الشّارع لم يكن منافيا لحكم العقل كما هوواضح فهو
نظير حكم العقل بعدم جواز سلوك الظّن مع التّمكن من العلم إلاّ إذا قام
الدّليل على اعتباره شرعا فإذا جاز الاكتفاء بالاحتياط مع التّمكنمن العلم
التّفصيلي فالاكتفاء به مع التّمكن من الظن التّفصيلي سواء كان ظنّا خاصّا
أو مطلقا أولى بالجواز كما هو واضح و توهم منع الأولويّة بدعوىدلالة دليل
حجيّة الظّن على المنع من سلوك غيره و هذا بخلاف العلم التّفصيلي فإنّ
اعتباره ليس بجعل جاعل حتّى يمنع دليل جعله من سلوك غيرهفاسد جدّا لما
ستقف عليه مفصّلا من فساد دعوى المذكورة بما لا مزيد عليه ثمّ
إنّه إذا استقلّ العقل بحصول الإطاعة بالامتثال الإجماليمع التّمكن من
الامتثال التّفصيلي في إطاعة مطلق الأوامر المتوجّهة من الموالي إلى العبيد
فلا محالة يحكم بجواز سلوك هذا الطريق في الشّرعيات أيضاإلاّ إذا علم
بخلافه من الشّارع و أنّ طريقه في باب إطاعة أحكامه غير ما يسلكونه العبيد
في إطاعة أحكام مواليهم و مجرّد احتمال ذلك لا يصلح مانعاعن حكم العقل
بالاكتفاء و القول بصلاحيّته لذلك نظرا إلى أنّ الاكتفاء به مع الاحتمال
المذكور عدول عن الطّريق اليقيني في باب الامتثالإلى الطّريق الاحتمالي و
الشّكي و هو غير جائز بحكم العقل المستقلّ و من هنا نحكم بعدم جواز سلوك
الظّن باحتمال حجيّته عند الشّارع و بعدم سلوكغير الظّن عند انسداد باب
العلم بالأحكام الشّرعيّة باحتمال حجيّته و اعتباره شرعا كما ستقف على
تفصيل القول فيه فاسد جدّا فإنّ الرّادع عنحكم العقل بسلوك الطّريق
العقلائي في الشّرعيات ثبوت منع الشّارع عند العقل لا مجرّد احتماله فليس
في الاكتفاء بالطّريق العقلي عدول عن الامتثالاليقيني إلى الاحتمالي بل
عدم الاكتفاء به عدول عن سلوك الطّريق العقلي بمجرّد الاحتمال و من هنا
تعرف فساد قياس المقام بما ذكر من حكم العقل فيباب الظّن المحتمل حجيّته و
في باب دليل الانسداد في حكم ما احتمل حجيّته ممّا لا يفيد الظّن إذا لم
تبلغ مرتبة الظّن فإنّ ما ذكر فيهما صحيح لكن لا دخل لهمابالمقام كما عرفت
هذا و سيجيء بعض الكلام في ذلك عند التّكلّم فيما أفاده شيخنا الأستاذ
العلاّمة قدّس سرّه في تأسيس الأصل هذا ما يقتضيهالقاعدة بالنّظر إلى حكم
العقل و العقلاء في باب الإطاعة في أدلّة عدم جواز الاكتفاء بالعلم الإجمالي
فهل ورد في الشّرع ما يقتضي خلافه كما نسب إلى الأكثر بل المشهور حتّى مع
التّمكّن من الظن التّفصيليفي الجملة أم لا كما هو الحقّ و عليه بعض
المحقّقين حتّى مع التّمكن من العلم التّفصيلي أو يفصّل بين العلم
التّفصيلي مطلقا و غيره كذلك أو يفصّل في العلمالتّفصيلي بين ما يتوقف على
التّكرار و غيره فيقال في الثّاني بالجواز أو يفصّل في الظن بين الخاصّ و
المطلق فيلحق الأوّل بالعلم مطلقا أو في الجملةأو يفصّل في الظن المطلق بين
ما يتوقف على التّكرار و غيره فيلحق الأوّل بالعلم أو يفصّل بين الشّبهة
الحكميّة و الموضوعيّة وجوه يستدلّ للأوّلبوجوه مضافا إلى الأصل بالبيان
الّذي ستقف عليه أحدها
استظهار الإجماع على المنع من الاكتفاء بالامتثال الإجمالي مع التمكّن من
العلمالتّفصيلي فيما يتوقّف على التّكرار كما استظهره شيخنا الأستاذ
العلاّمة قدّس سرّه في الكتاب ثانيها
الإجماع المدّعى في كلام السيّد الجليل الرّضيقدّس سرّه في محكي الذكرى و
الرّوض على المنع مع التّمكن من العلم التّفصيلي مطلقا حتّى فيما لا
يتوقّف على التّكرار و تقرير أخيه الأجلّ السيّد المرتضىطيّب اللّه رمسه و
في مسائل الرسية من الرّسي و تقرير السيّد الأجلّ علم الهدى للسّائل أيضا
فعلى ذلك يظهر الاعتماد بالنّقل المذكور من شيخنا الأستاذ