العلاّمة قدّس سرّه في الكتاب و في دلالة المحكي عنهما على حكم المقام
تأمّل ظاهر كما ستقف عليه و في كلام بعض السنادة المتأخّرين على ما هو
ببالي بل يظهرمنه دعوى الاتفاق على البطلان حتّى مع التّمكن من الظّن
التّفصيلي فضلا عن العلم هذا قال
الشّهيدان في محكي الذّكرى و الروض في مسألة الجاهلبالقصر في السّفر إنّ
السيد الرّضي سأل أخاه المرتضى رحمه الله فقال إنّ الإجماع واقع على أنّ من
صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية و الجهل بأعداد الركعاتجهل
بأحكامها فلا تكون مجزية فأجاب المرتضى عنه بجواز تغيّر الحكم الشّرعي بسبب
الجهل و إن كان الجاهل غير معذور قال في محكيّ الرّوض بعد نقلذلك حاصل
هذا الجواب يرجع إلى النّص الدال على عذره و القول به متعيّن انتهى المحكيّ
عنه و قال
شيخنا الأجلّ في الجواهر بعد نقل الكلام المذكورما حاصله أنّ الظّاهر من
جواب السيد أنّ الأحكام الشّرعيّة تختلف باختلاف الأشخاص و الأحوال فيجوز
أن يكون حكم الجاهل بالقصر وجوب الإتمامعليه و إن كان مقصرا غير معذور في
ترك العلم و حينئذ فهو آت بالمأمور به فيكون مجزيا و لا بأس بترتيب الشّارع
حكما على فعل أو ترك للمكلّفعاص به كما في مسألة الضد الّتي مبناها على
أنّ الشّارع أراد الصّلاة من المكلّف و طلبها منه بعد عصيانه بترك الأمر
المضيق مثل إزالة النّجاسةفهنا أيضا يأثم هذا الجاهل بترك التعلّم و
التّفقّه المأمور بهما كتابا و سنّة إلاّ أنّه لو صلّى بعد عصيانه في ذلك
صحّت صلاته للدّليل انتهىالملخّص عنه و قد تبع في ذلك المحقّق الأردبيلي
قدس سره في شرح الإرشاد و قد عرفت حكاية مثل ذلك عن الرّسي قدس سره قال
العلاّمة قدّس سرّه في محكيّالمختلف ما هذا لفظه قال في المسائل الرسيّة
حيث قال له السّائل ما الوجه فيما يفتي به الطّائفة من سقوط فرض القضاء
عمّن صلّى من المقصّرينصلاة المتمّم بعد خروج الوقت إذا كان جاهلا بالحكم
في ذلك مع علمنا بأنّ الجهل بأعداد الرّكعات لا يصحّ معه العلم بتفاصيل
أحكامها و وجوههاإذ من البعيد أن يعلم بالتّفصيل مع الجهل بالجملة الّتي هي
كالأصل و الإجماع على أنّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية و
ما لا يجزي من الصّلاةيجب قضاؤه فكيف يجوز الفتوى بسقوط القضاء عمّن صلّى
صلاة لا تجزي فأجاب رحمه الله بأن الجهل و إن لم يعذر صاحبه بل هو مذموم
جاز أن يتغيّر معه الحكمالشّرعي و يكون حكم العالم بخلاف حكم الجاهل انتهى
كلامه رفع مقامه ثالثها
كون الاكتفاء به فيما يتوقّف على التّكرار مع وجود الطّريق المعتبر و لو
كانهو الظّن المطلق خلاف الإجماع العملي و السّيرة المستمرّة بين
المتشرّعة رابعها
ما دلّ من الآيات الكثيرة و الأخبار المتواترة و الإجماع على وجوبتحصيل
العلم بالأحكام الشّرعيّة و كونه فريضة من الفرائض فإنّه يدلّ على عدم جواز
الاكتفاء بالامتثال الإجمالي في الشّبهة الحكميّة مطلقا معالتّمكن من
الامتثال العلمي بل مع التمكن من الامتثال الظّني المعتبر في الجملة في وجه
فإنّ المستفاد منها و إن لم يكن حجيّة العلم و جعله في حكم الشارعطريقا
إلى الواقع كما توهّمه بعض من لا خبرة له إلاّ أنّه يستفاد منها وجوب
تحصيله على القادر بذلك و عدم جواز الاكتفاء بغيره خامسها
ما دلّ على اعتبار قصد الوجه في العبادات أو معرفته مع وجود الطّريق
المعتبر إلى الوجه و في الاكتفاء بالاحتياط إلغاء لهما حتّى فيما لا
يتوقّفعلى التّكرار سادسها
أنّ المحتاط بتكرار العبادة يعدّ لاعبا بأمر المولى عند العقلاء مع وجود
الطّريق إليها و لا يعدّ ممتثلا سيّمافيما توقّف الاحتياط على تكرار العمل
كثيرا كما هو ظاهر ذكر شيخنا الأستاذ العلاّمة قدّس سرّه في الجزء الثّاني
من الكتاب سابعها
أنّما دلّ على وجوب العمل بالأمارة بالوجوب التّعييني كما هو الظاهر منه يمنع من التّخيير بينه و بين الاحتياط كما هو ظاهر ثامنها
الأصل علىتقدير الإغماض عمّا تقدّم من الأدلّة المانعة و حصول الشّك في
المقام فإنّها و إن لم يسلم دلالتها على ذلك فلا أقلّ من إيراثها الشّكفي
اكتفاء الشّارع بالاحتياط مع وجود الطّريق المعتبر في الشّرعيّات كما هو
المفروض و العقل يحكم بعدم الاكتفاء به و الحال هذه هذا و بعبارة أخرى
إذا شكّ فيما علم كون غرض الشّارع من الأمر التعبّد بالمأمور به لا حصوله
بأيّ وجه اتّفق في أنّ الدّاعي و الغرضهو التعبّد بإيجاده و امتثال الأمر
المتعلّق به و لو في ضمن أمرين أو أمور أو التعبّد به متميّزا عن غيره
فالعقل يحكم بعدم جواز العدول عن الثّانيفي مقام الامتثال لا لأصالة
الاشتغال عند دوران الأمر بين التّخيير و التّعيين أو أصالة الشّغل عند
الشّك في الشّرطية حتّى يمنعان و لا لأصالةالعدم أي أصالة عدم حصول الغرض
الداعي كما هو الأصل في كل حادث حتّى يقال إنّ الحكم في المقام مترتّب على
الشّك لا المشكوك فلا معنى لجريانأصالة العدم بل لما عرفت من استقلال
العقل بذلك على تقدير الشّك في طريق الإطاعة و منه يعلم أنّ الخصوصيّة
المذكورة على تقديرثبوتها ليست من قيود المأمور به حتّى تدفع بإطلاقه فيما
كان له إطلاق كما يتصور على القول الأعمّي في ألفاظ العبادات إذ هي من
خصوصيّاتالإطاعة و تعتبر في سقوط الغرض فلا يمكن أخذها في المأمور به كما
هو واضح و منه يعلم أنّ المقام خارج موضوعا عن دوران الأمر في المكلّفبه
بين التّخيير و التّعيين أو الأقلّ و الأكثر الذّهني و هذا هو الوجه في
قوله قدس سره و ليس هذا تقييدا في دليل تلك العبادة حتّى يرفع بإطلاقه
هذابعض الكلام فيما يستدلّ به للقول الأوّل و مقتضاها على ما عرفت يختلف
بحسب المقامات المذكورة فإنّ بعضها يقتضي المنع من الاكتفاء
بالامتثالالإجمالي حتّى في مقابل الظّن المطلق فيما لا يتوقف على التّكرار
و بعضها يقتضي المنع منه مع التّمكن من تحصيل العلم التّفصيلي في خصوص ما
يتوقف