و
المراد بالحكم هو الحكم الفعليّ الّذي هو ثابت على ذمّة المكلّف وعهدته
بالفعل لا ما هو ثابت في الشريعة ولم يتحقّق موضوعه، كما في وجوب الحجّ،
الثابت على المستطيع في الشريعة بالنسبة إلى من لم يكن مستطيعا، فإنّه لا
أثر لقطعه ولا لظنّه ولا لشكّه بهذا الحكم أصلا، ولا يترتّب على شيء منها
حكم أبدا.
و بالجملة، المراد بالحكم هو ما يكون في مرتبة المجعول الّذي يعبّر عنه
بالحكم الفعلي، لا ما هو في مرتبة الجعل الّذي يعبّر عنه بالحكم الإنشائيّ.
و أمّا الحكم الإنشائيّ الّذي يدّعيه صاحب الكفاية[1]-قدّس سره-في مرتبة المجعول ومرحلة وجود الموضوع فسيجيء في أوائل مبحث الظنّ-إن شاء اللّه-أنّه لا معنى له.
ثمّ إنّ شيخنا العلاّمة الأنصاري-أعلى اللّه مقامه-قسّم المكلّف باعتبار حالاته الثلاث إلى أقسام ثلاثة[2]-كما قسّمناه-و جعل لكتابه مقاصد ثلاثة، ثمّ ذيّله بالبحث عن التعادل والتراجيح.
و صاحب الكفاية عدل عن ذلك، وجعل التقسيم ثنائيّا، لوجهين: أحدهما: أنّ
متعلّق القطع لا يختصّ بالحكم الواقعي، بل يعمّ الظاهري أيضا، فإنّ المكلّف
إمّا قاطع بما التفت إليه-من حكم واقعي أو ظاهري-أولا، وعلى الثاني يعمل
على ظنّه لو حصل له، وتمّت مقدّمات الانسداد على تقدير الحكومة، وإلاّ يرجع
إلى الأصول العقليّة.
الثاني: أن لا يلزم تداخل الأقسام، فإنّ الظانّ بالظنّ المعتبر ملحق
بالقاطع، وبغير المعتبر ملحق بالشّاك، وهذا بخلاف ما إذا جعل التقسيم
ثلاثيّا،