سببها كذا، وحيث إنّهم التزموا بأنّها أسام للمسبّبات دون الأسباب صاروا بصدد الجواب عن هذا الإشكال، فأجابوا بأنّ مثل { أحلّ اللّهُ الْبيْع } [1]و { تِجارةً عنْ تراضٍ } [2]و إن لا يكون دليلا لإمضاء الأسباب العرفية إلاّ أنّه يكفي لذلك قوله تعالى: { أوْفُوا بِالْعُقُودِ } [3]،
فإنّ العقود ظاهرة في الأسباب لا المسبّبات، وبما أنّه معنى عرفيّ ليس من
مخترعات الشارع فهو أيضا كأحد العرف يستعمله فيما يستعمله العرف، فظاهر هذا
الكلام أنّ كلّ ما كان عقدا عرفا وسببا لإيجاد معاملة من المعاملات عند
العرف فهو سبب شرعا، فقوله تعالى: { أوْفُوا بِالْعُقُودِ } بوحدته واف لإمضاء جميع الأسباب العرفيّة.
و شيخنا الأستاذ[4]-قدّس
سرّه-أورد على هذا الجواب: بأنّ العقود في نفسها وإن كانت ظاهرة في
الأسباب، إلاّ أنّ مادّة الوفاء قرينة على أنّ المراد منه في الآية هي
المسبّبات، لأنّ الوفاء في لغة العرب بمعنى الإنهاء والإتمام، ومنه الدرهم
الوافي، ومن المعلوم أنّ السبب غير قابل لإتمامه وإنهائه، فإنّه لفظ أو فعل
يوجد وينعدم، وإنّما القابل للإتمام هو التزام البائع بأنّ هذا المال
لـ«زيد» مثلا، فإنّه يمكن أن يرفع اليد عن التزامه، ويمكن أن يبقيه إلى