كذلك، أي كانت أمورا أمضاها الشارع ولم يؤسّسها، فلا محالة الشارع الممضي لها يستعمل ألفاظها في معانيها العرفيّة، فقول الشارع: { أحلّ اللّهُ الْبيْع } [1]كقول
غيره بما أنّه في هذا الاستعمال كأحد من العرف، وحينئذ كلّ ما صدق عليه
عرفا أنّه بيع فهو ممضى عند اللّه بمقتضى إطلاق قوله تعالى: { أحلّ اللّهُ الْبيْع } سواء كان عربيّا أو عجميّا، لفظيّا أو فعليّا، أي معاطاتيّا.
و لا يفرق في ذلك بين أن نقول بوضعه للأعمّ أو للصحيح.
و المقصود من الوضع للصحيح الوضع لما يكون متعلّقا لإمضاء العقلاء لا ما
يكون ممضى شرعا، ضرورة أنّها معان عرفيّة، وألفاظها كانت مستعملة في
معانيها قبل الشرع والشريعة.
و فيما أفادوه نظر، فإنّ هذا التقريب تامّ لو كان الإمضاء متعلّقا بالأسباب
بأن كانت هذه الألفاظ أسامي للأسباب، فإطلاق دليل الإمضاء يقتضي أن يكون
كلّ ما كان سببا عرفيّا للتمليك أو النكاح أو غير ذلك سببا له شرعا أيضا،
وأمّا لو كانت هذه الألفاظ أسامي للمسبّبات، فالدليل الدالّ على إمضاء
المسبّبات العرفيّة بأيّة دلالة يدلّ على إمضاء الأسباب العرفيّة، مع أنّها
أيضا محتاجة إلى الإمضاء، وللشارع أن يمضيها وله أن لا يمضيها ويقول مثلا:
أمّا هذه المسبّبات التي بينكم-من البيع والنكاح والطلاق وأمثالها-فقد
أمضيتها، وأمّا ما ترونه سببا لإنشائها فأنا لا أراه سببا، بل اجعلوا