ثانيها: الصحيح المستجمع للأجزاء و الشروط التي لها مدخل في الصحة و ترتب الآثار، و هذا كتبادر المطلق من الماء.
و ثالثها: تبادر الجامع بين الفاسد و الصحيح، و هذا عندنا مسامحة صرفة، و عند الأعمي مسامحة وضعية و إن لم يكن لنا مستند بعد الإنصاف و إمعان النّظر في محاورات أهل الشرع و مقايستها على محاورات العرف.
و الفرق بين المسامحتين، إجراء أصالة عدم الأولى عند الشك دون الثانية.
و القول بأصالة عدم ضم شيء آخر إلى اللفظ في حصول تبادر الأعم، و أصالة كون تبادره وضعيا معارضة بأصالة عدم استقلال اللفظ في إفادته، و أصالة كون تبادر الصحيح وضعيا.
مضافا إلى أن الأصل لا يثبت الأوضاع إلا إذا أريد منه الغلبة المحصلة للظن، و مع تسليم تلك الغلبة فجريان الأصل في تبادر الصحيح مقدم على جريانه في تبادر الأعم، لأن الشك في تبادر الأعم من قبيل الشك المسبب عن الشك في كيفية تبادر الصحيح، و قد تقرر في محله أن الأصل في الشك السببي مقدم على الأصل في الشك المسببي.
و في ذلك كلّه تأمل، بل الأصل في التبادر المشكوك كونه وضعيا أو إطلاقيا ناشئا عن الانصراف هو الوضعي لأصالة عدم شيء من سببي الانصراف و هما غلبتا الوجود و الاستعمال و أصالة عدم بلوغهما الحدّ الموجب للانصراف على تقدير الوجود.
و منها: أن استعمال ألفاظ العبادة في الصحيحة منها أغلب جدا من استعمالها في الفاسدة إلى الحد الموجب لإلحاق الفاسد بالنادر بأن ندر في الاستعمال و إن كان في الوجود بالعكس، و لا ريب أنّ أغلبية الاستعمال من علائم الحقيقة غالبا و أندرية الاستعمال من علائم المجاز غالبا، و الظن يلحق المشكوك بالأعم الأغلب و أما أغلبية الفاسد على الصحيح في الوجود فلا يقاوم أغلبية الاستعمال في العكس كما لا يخفى.
و منها: صحة سلب الاسم عن الفاسدة في عرف المتشرعة، بل و وقوع