الألفاظ أولا في هذه المعاني في حق المستجمع لجميع الشرائط ثم شرع أحكام المعذورين شيئا فشيئا بالتدريج، فمرة أجاز صلاة ناسي القراءة حتى ركع، و يوما حكم بإجزاء صلاة المتيمم، و رخص للمريض الصّلاة قاعدا في قضية و هكذا، و لم يكن ذلك منه إلا بالأحكام التكليفية، لا بالأوضاع اللغوية، و لكن العرف أعني المتشرعة من الأصحاب و التابعين استعملوا هذه الألفاظ في جميع المعاني توسعا، فلعله صار باستعمال واحد حقيقة، و إن قلنا ببقاء الألفاظ على معانيها، للقول بوجود المعاني أو بعضها في الشرائع السابقة، فالشارع قد وسع في الاستعمال، و لكن الاستعمال في جميع هذه المعاني لم يكن من [1] سبب الاشتراك اللفظي، و لا المعنوي، بل كان شبيها باستعمال أسماء الإشارة و الضمائر قد استعملت في معانيها من حيث اجتماعها تحت أمر واحد، و تحقق حسن مشترك بينها في الجميع، و لكن هذا الأمر البسيط الجامع من قبيل آلة الملاحظة.
فان قلت: إذا قلنا بوجود الماهيات في الشرائع السابقة، فالجامع بين ما في أيدينا و ما في أيدي الأمم الماضية هو الجامع بين صحيحة العبادات منا و فاسدتها، لأنّ ما في الشرائع السابقة فاسدة في شريعتنا، فكيف وسع الشارع في الاستعمال من حيث الجامع.
قلت: إن الشارع لاحظ الجامع من حيث اندراج ما في الأمم السالفة فيه من حيث إنّه صحيح عند الأمم مع قطع النّظر عن فسادها عندنا، كاندراج الفاسد عند مجتهد الصحيح عند آخر في الجامع في زمان واحد.
و بالجملة: فالصحة الواقعية الأولية لم تؤخذ قيدا للموضوع له اللفظ حتى يكون الشك في حصولها شك في حصول المصداق، فيوجب الاحتياط، بل المأخوذ قيدا له إنما هو المقدار المعلوم من الأدلة الخارجية المقتضية لدفع الزائد بالبراءة عند الشك بعد الفحص.
و لا يخفى أنّ هذين الإشكالين اللّذين دفعناهما بحمد اللّه من عمدة ما حمل بعض الأعلام إلى التفصي عن الصحيحيين بالقول بالأعم فلا تغفل عما قررنا في