و أما عدم ثبوت طروء الوضع عرفا لغير ما ذكر بالنسبة إلى غير الحال من الملكة و الحرفة، فلأنّه لو ثبت، فهو إما بطريق الهجر و النقل، و إما بطريق الاشتراك اللفظي، كما قيل.
و الأول مفقود في المقام، فإنّ لازمه تبادر غير الحال، بحيث يتوقف انفهام الحال على القرينة، و ليس كذلك في المقام، فإنّه إما مجمل بالنّسبة إلى الحال و غيره، كما هو كذلك في كثير من الأمثلة، و إمّا ظاهر في الحال، كما في بعض أمثلته الأخرى، فانتفاء اللازم يكشف عن انتفاء الملزوم.
و الثاني باطل في نفسه لما حققنا في محله- في مسألة المجاز المشهور- أنه لا يمكن الاشتراك بواسطة غلبة الاستعمال، فإنّ اللّفظ، ما لم يهجر عن معناه الأصلي- بغلبة الاستعمال- لا يعقل اختصاصه بالمعنى الثاني أيضا، فراجع.
هذا مضافا إلى تبادر الحال في بعض الأمثلة.
نعم لا يبعد دعوى النقل في مثل: العادل و المجتهد- في عرف المتشرعة- إلى الملكة، لكنّ الكلام في ثبوته بالنّظر إلى العرف العام.
احتجّ مدّعي الاشتراك [1] [1]، بأنّه إذا قيل: (رأيت كاتبا، و لقيت قارئا)، يتوقّف العرف في المراد، و ينتظرون القرينة لتعيين المراد من الحال و الحرفة، فيكشف ذلك عن اشتراك المبدأ فيهما، و في أمثالهما عرفا بين الحال و الحرفة.
و فيه- مضافا إلى ما عرفت- ان التّوقف و الإجمال لا يصلح لأن يكون علامة للاشتراك، لكونه أعمّ منه، لوجوده في المجاز المشهور أيضا، و العلامة لا بد أن تكون مساوية للمدلول، أو الأخص، فلذا لم يعدّه أحد من علائم الاشتراك.
[1] مدعي الاشتراك حسبما نسبه المحرّر هو الآخوند المولى أحمد الخوانساري (ره)، و قال في طبقات أعلام الشيعة 1: 70 رقم 140 (الشيخ المولى أحمد الخوانساري) ما ملخصه: بأنه كان من أعلام الشيعة في القرن الثالث بعد العشرة، و من فحول علماء عصره الجامعين المتفنّنين، أخذ العلم عن جماعة من الأعاظم كالمولى أسد اللّه البروجردي الملقّب بحجة الإسلام و شريف العلماء المازندراني ... و له آثار منها [مصابيح الأصول] كتب المجلّد الأوّل منه تلميذ المصنّف الشيخ عبد الحسين البرسي عن خطّ أستاذه، و كتب عليه ما سمعه من الدروس في [1273] و له أيضا الأدعية المتفرّقة ...