فلا ريب أنّ هذا الشرط من شروط تحقق الموضوع، فانّ العلائم من الأمارات القطعية على المختار عندنا، و معها لا يحكم العقل بجواز العمل بالظن.
و بعبارة أخرى: العقل يحكم من باب مقدمة الانسداد، فعدمها شرط تحقق موضوع الانسداد، و أمّا بناء على اعتباره من باب الظن الخاصّ، فلا معنى لهذا الاشتراط بوجه، إذ معنى اعتبار الظن الخاصّ اعتباره في صورة التمكن من تحصيل العلم، و الشارع إنما جعله حجة مع أنه الفرض فحينئذ لا معنى لهذا الاشتراط، إذ لا يجب تحصيل العلم حينئذ حتى يقال: إنه معتبر فيما لم يمكن تحصيل العلائم و إعمالها.
هذا مع ما في الوجهين اللذين استدل بهما من الضعف:
أمّا الأول: فلأنه إن اعتبر قول النقلة من باب العقل، فلا معنى للقول بكونه تقليدا، إذ بعد حكم العقل بملاحظة- مقدّمات أربع- على اعتباره، فالأخذ به أخذ بالدليل القطعي، و ليس فيه تقليد أصلا. و إن كان من باب الظن الخاصّ، فبعد قيام الدّليل الخاصّ على اعتباره، لا يقال بأنه تقليد. كيف؟ و لو كان ذلك تقليدا، لكان جميع المجتهدين مقلّدين حيث إنهم يعملون بالأخبار و الآيات مع أنّ اعتبارهما، إمّا من باب الظن المطلق، أو من باب الظن الخاصّ.
و أما الثاني: ففيه أوّلا: أنّ القول بأنه أقوى من قول النقلة التزام بكون العلائم مفيدة للظن، و ليست كذلك، بل هي مفيدة للقطع.
و ثانيا: على فرض كونها مفيدة للظن نمنع أقوائية ظنه.
و ثالثا: على فرض تلسيم الأقوائية، ففيه: أنّ اعتبار قول النقلة إن كان من باب الظن المطلق، فيصير هذا من شروط تحقق الموضوع، و على اعتباره من باب الظن النوعيّ، فلا يجب تحصيل العلم، و لا تحصيل الظن الأقوى، كما عرفت.
و أمّا قوله: و لذا تراهم لا يعملون بقول النقلة في باب العام و الخاصّ، بل يأخذون بالعلائم، فهو ليس إلا افتراء عليهم، بل نحن وجدناهم لا يقتصرون في العمل بقول النقلة هناك، و يعملون بكل واحد منه، و من العلائم لا أنّ عملهم منحصر في العلائم.
و منها: قوله: فإذا وقع التعارض، فيجب الجمع بينهما، فإنّه أراد بالجمع الجمع الدلالي، من حمل العام على الخاصّ، و الظّاهر على النص و الأظهر، و غير ذلك. ففيه: أنّ