و لا ريب في ضعفه بعد صدق هذه النسبة إليه، لأنه إن أراد أنّ الحكم بمجيء المشتق للاستقبال كنصهم بمجيئه للماضي و الحال ظاهر في كونه حقيقة فيه.
ففيه أوّلا: أنّ بناءهم على بيان موارد الإطلاقات، لا الموضوع له، كما يشهد به تتبّع كلماتهم في بيان معاني غير المشتق المتنازع فيه من الأفعال، و الأسماء، و الحروف، لوضوح أنّ بعض هذه المعاني ليس مما وضع له اللفظ، فلا ظهور في حكمهم بما ذكر.
و ثانيا: أنّه يحتمل أن يكون المراد إطلاقه على المتلبس في الاستقبال، باعتبار تلبسه فيه، بأن يكون المراد بالاستقبال هو بالنظر إلى حال النطق، إذ قد عرفت أنه لا منافاة بينه و بين الحال بالمعنى المتنازع فيه، فيدخل- حينئذ- في المورد المتفق عليه من كون المشتق [1] فيه.
و إن أراد الاستناد إلى إطلاقهم اسم الفاعل على ضارب غدا، كما قد يحكى فيه.
ففيه أنّ هذا الإطلاق يتصور على وجوه:
الأول: أن يراد به كون الذات المحكوم عليها بضارب، كونه كذلك في الغد، باعتبار حصول هذا العنوان له بعد الغد، إمّا لعلاقة الأول: أو بعنوان مجاز المشارفة.
الثاني: أن يراد به كونه كذلك في الغد، باعتبار حصول العنوان له في الغد.
الثالث: أن يراد به كونه كذلك حال النطق، لكن يحتمل [كون] الغد قيدا للمحمول لا ظرفا للنسبة، فيكون المراد زيد الآن هو الضارب في الغد.
الرابع: أن يراد به كونه كذلك حال النطق، باعتبار حصول العنوان له في الغد و جعل الغد قرينة على تعيين زمان صدق النسبة له لا قيدا للمحمول و لا ظرفا للنسبة الحكمية، فنقول، حينئذ: إن إطلاقهم بعد تسليم كونه حجة، إنما ينهض دليلا له، لو علم أن إطلاقهم المذكور مبني على الوجه الأول أو الأخير، و أما الثاني و الثالث، فلا ريب في كونهما حقيقيين لدخولهما في مورد الاتفاق، حيث إن الإطلاق فيهما إنما هو بالنظر إلى حال التلبس، أما الثاني فواضح، و أما الثالث، فلأنه لا ريب أن زيدا الضارب في الغد يقينا يصدق عليه الآن حقيقة أنه الضارب في الغد، لكونه متلبسا الآن بهذا العنوان المقيد، و سيأتي لذلك مزيد تحقيق إن شاء اللّه.