بعد إحراز أن هذا اللفظ الوارد في خطاب الشارع من الألفاظ المتداولة، و إحراز هذه الصغرى- في خصوص الموارد فردا فردا- دونه خرط القتاد.
و قد أجيب عن الأولى: بأن الحقيقة الشرعية ليست كغيرها من العرفيات، بل لا بد من حمل كلام الشارع عليها- مع الإطلاق- على كل حال إذ هو ثمرة وضعها لذلك، و لذا لم يتأمل أحد في ذلك مع حصول التأمل في تقديم أحد العرفين. انتهى.
لكنه كما ترى إنما يناسب الوضع التعييني.
و التحقيق في الجواب: الترديد بأن المخاطب إن كان من التابعين و الأصحاب، فهو تابع في المحاورة و الخطاب للشارع، و لا يغاير اصطلاحه في محاورته اصطلاح الشارع، فحينئذ يدخل المقام في تعارض العرف الخاصّ و اللغة بالنسبة إلى شخص واحد، و هو المتكلم الّذي هو الشارع في المقام، فانا نشك في أنه هل تكلم على اصطلاحه أو على مقتضى اللغة، و لا ريب في تقديم العرف الخاصّ كما مر آنفا.
و إن لم يكن المخاطب من التابعين، بل كان محاورته على طبق اللغة، فهذا يدخل في تعارض العرف الخاصّ و اللغة في شخصين، و قد عرفت أن الحق فيه التوقف، لكن هذا لا يوجب المناقشة في ثمرة المسألة إذ يكفي فيها ظهورها في بعض الموارد.
و أما الجواب عن المناقشة الثانية: فبأن إحراز الصغرى في كل من المطالب و المباحث لا بد منه، بحيث لولاه لا يحصل ثمرة البحث، لكنه لا يصير مناقشة في الثمرة إذ المفروض حصولها مع إحراز الصغرى، و المناقشة إنما تتجه إذا لم تظهر الثمرة عند إحرازه الصغرى أيضا.
هذا مع أن دعوى امتناع تمييز الصغريات- مطلقا- دونها خرط القتاد، ضرورة إمكان العلم ببعضها، فتظهر الثمرة في ذلك البعض، فلا تخلو المسألة عن الثمرة بحيث يكون البحث فيها لغوا.
المقام الثالث: في أقوال المسألة
، فنقول: الموجود عند المتقدمين إلى زمان صاحب المعالم قولان: النفي المطلق، و الإثبات كذلك [1] و المشهور في ذلك الزمان هو الثاني، بل ادعى اتّفاق المتقدمين عليه مع نسبة القول الأوّل إلى المتأخّرين، و قد حدثت من المتأخرين تفاصيل عديدة [2]، و أقوال شتى غير هذين في بادي الرّأي.