التخصيص على المجاز في العمومات التي لم تخصص بعد، و أمّا فيما خصّصت و دار الأمر بين تخصيصها زائدا على ما علم و بين المجاز فلا.
و يمكن الذّب عنه بأنه إذا ثبت ترجيح التخصيص في العام الّذي لم يخصّص، ففي غيره بالأولى لوهن العموم بعد تطرّق التخصيص إليه، حتى أنّه قيل بخروجه بذلك عن الحجية في الباقي.
و فيه نظر: فإنّ مرجع ذلك إلى التمسّك بالأولوية، لا بالغلبة و تسليم عدم جريانها هنا، فالأولى التمسك في المقام بغيرها، من قاعدة التسبيب فيما يجري فيها من الصّور، و من قاعدة الحكومة مع إمكان التمسك بالأولوية أيضا.
المسألة التاسعة: الدوران بين التخصيص و الإضمار
، قيل المعروف تساوي احتماليهما، و المحكي عن ظاهر كلام الأكثر بناء ترجيح التخصيص على الإضمار على مساواة الإضمار مع المجاز، فعليه يقدّم على الإضمار، لما عرفت من رجحانه على المجاز، و الراجح على شيء راجح على ما يساوي ذلك الشيء، و إلاّ، فمع ترجيح الإضمار على المجاز- كما عن المنية [1]- فهما متساويان لا رجحان لأحدهما على الآخر، مثاله: قوله (صلى اللّه عليه و آله) (لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل) فإنّ الإجماع قائم على عدم وجوب العزم من الليل في صوم التطوع، فحينئذ لا بدّ، إمّا من تخصيص الصيام بالواجب و إمّا من إضمار الكمال، حتى يصلح لشموله للتطوّع أيضا، فإنّ التطوّع إذا لم يعزم به من الليل لا يكون كاملا.
و تظهر الثمرة في الصيام الواجب، حيث أنّه على تخصيص الصيام به النفي على حقيقته، فالصوم الواجب الّذي لم ينو من الليل ليس بصوم شرعا، بمعنى أنّه ليس بصحيح، و على إضمار الكمال، فالحديث ساكت عن حكم الصّوم الّذي لم ينو من الليل، من حيث الصحة و الفساد، إذ غاية ما يدلّ عليه الحديث حينئذ، إنّما هو نفي الكمال، و هو لا يدلّ على صحّته، أو على فساده، فإنّه أعم منهما، يجوز اجتماعه مع كل
[1] منية اللبيب المخطوط، في تعارض الأحوال: و سابعها: معارضة التخصيص للإضمار كقوله (عليه السلام) «لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل» فيقول الخصم: إنه يتناول بعمومه الفرض و النفل و خصّ النفل بجواز عقد نيته إلى الزوال، فيبقى حجّة في الفرض، فيقول الآخر: بل يجوز التأخير في الفرض أيضا إلى الزوال، لأن في الخبر إضمارا، و تقديره لا صيام كاملا أو فاضلا، فالأوّل أولى بدليل إنّ التخصيص أولى من المجاز المساوي للإضمار. و الأولى من المساوي لشيء يكون أولى من ذلك الشيء.