المعنيين، أو في المعنى الحقيقي و المجازي، بحيث كان كل منهما موردا للحكم و متعلقا للإثبات و النفي، و لا ريب أنّ النّظر في باب الكناية إلى إثبات الحكم للاّزم، و هو المقصود به، و لو فرض استعمال اللفظ في المعنى و لازمه معا من باب الكناية، فهو خارج عن المتنازع فيه هناك، إذ المقصود في باب الكناية إثبات الحكم أو نفيه بالنسبة إلى اللازم وحده. فافهم.
المقام الثاني- في أن الكناية هل يعامل معها معاملة الحقيقة، أو معاملة المجاز من حيث اقترانها بالقرينة الصارفة و عدمه
، و نحن بعد ما بينا آنفا في الإشكال على القول الثالث، من وجوب الإتيان بالقرينة المعاندة، فلا بد من الالتزام بالاحتمال الثاني لا غير.
المقام الثالث- في تعارض احتمال الكناية لاحتمال غيرها من الحقيقة و المجاز.
فنقول: إذا وقع التعارض بين احتمالها مع احتمال الحقيقة، فالراجح هو إرادة الحقيقة، أما على القول الثاني فواضح، و على القول الأوّل فلأن الكناية لا بد فيها من ملاحظة خصوصية زائدة على ما يلاحظ في الحقيقة، فالأصل عدمها فيتعيّن الحقيقة.
و أما إذا وقع التعارض بين احتمالها و احتمال المجاز، فعلى القول الأول يرجح احتمالها على المجاز، و هكذا على القول الثالث، بناء على ما قيل من الفرق بينها و بين المجاز من لزوم القرينة المعاندة فيه دونها، إذ المجاز حينئذ خصوصية زائدة نشك في حصولها، فالأصل عدمها فيتعين الكناية.
و أما على ما اخترنا من القول الثالث، فسنفصّل الكلام فيه في باب تعارض الأحوال إن شاء اللّه، و إن لم يذكره أحد هناك.
ثم إن القول بكون الكناية من أقسام المجاز لا نعرف له قائلا، و إنما ألجأنا إلى اختياره للإشكالات الواردة على غيره.
و يزيد الإشكال الوارد على الماتن إشكال آخر، و هو أن الحصر- في الحقيقة و المجاز- عقلي لا يمكن فيه الواسطة، و إنما هو فيما إذا كان الحصر حاصلا من الاستقراء، إذ لا ريب أن الحقيقة و المجاز قد عرف كل منهما بنقيض الآخر، فلا يمكن فيهما الواسطة، فينحصر المقسم فيهما عقلا، فلا بد من دخول الكناية في أحدهما.
هذا، و لكن الإنصاف عدم ورود شيء من الإشكالات على هذا القائل، أعني