أحدهما ما عرّفها به، و الآخر الكلمة المستعملة في اللازم وحده، فإنّ تعريفه إنما هو للقسم الأوّل، و هو الكلمة المستعملة في الموضوع له و لازمه معا، و لم يكن له شمول بالنسبة إلى القسم الآخر الّذي زاده في التقسيم.
الثاني: عدم بقاء الفرق حينئذ بين المجاز و الكناية إذا استعمل اللفظ في اللازم وحده لصدق تعريفهما عليه حينئذ.
فإن قيل: إن الفرق بينهما ما قالوا بأن المجاز ملزوم للقرينة المعاندة للمعنى الحقيقي بخلاف الكناية.
قلنا أوّلا: إن هذا الفرق لفظي جئنا بفرق معنوي.
و ثانيا: إنا نمنع هذا الفرق أيضا، لأنه لا يعقل استعمال الكناية أيضا بلا قرينة بكلا قسميها، إذ لا ريب أنّ اللفظ بوضعه لا يدل على اللازم، و لا ينصرف إليه بوجه، بل يفهم منه مجردا عن القرينة الملزوم وحده، و لا يصرف ذهن السامع إلى اللازم بوجه، فإنه لو لا القرينة لفهم من قوله: (زيد كثير الرماد) معناه الحقيقي، فيحتمل كونه حمّاميّا، أو طباخا، أو غير ذلك من أرباب الحرف التي يحصل منها الرماد كثيرا، و كذلك يفهم من قوله: (زيد جبان الكلب) معناه الحقيقي لا غير.
و كيف كان، فالانصراف من اللفظ إلى لازم معناه لا يمكن إلاّ بالقرينة.
ثم إذا ثبت الاحتياج إلى القرينة، فنقول: إنها إمّا ملائمة للمعنى الحقيقي، أو معاندة له، و مانعة من إرادته من اللفظ، فإن كانت ملائمة لا يجوز كونها صارفة لذهن المخاطب إلى غير الموضوع له، مع أن الوضع يقتضي ظهور اللفظ في إرادة الموضوع له، و لا يعقل ذلك، فإذن وجب كونها معاندة لإرادة الحقيقة، فلا نعني بالقرينة المعاندة إلاّ هذه، و لا بالمجاز إلاّ ما كان ملزوما لها، فانتفى الفرق.
و من هنا ظهر ضعف القول الأوّل أيضا، إذ لا يعقل الانتقال إلاّ باستعمال اللفظ في اللازم مع القرينة المعاندة، فيكون اللفظ مجازا.
الثالث: منافاة ما ذكره في تعريف الكناية- من أنها الكلمة المستعملة في الموضوع له و لازمه معا- لما أجمع العلماء ظاهرا عليه، من عدم استعمال اللفظ في أكثر من معنى، حقيقة كان الزائد، أو مجازا، و المخالف في المسألة ضعيف جدا. بحيث يقطع بالاتفاق.
أقول يمكن دفع المنافاة بأن محل النزاع هناك في جواز استعمال اللفظ في