بالنسبة إلى افعال
الصلاة ، فانهم لم يجروا قاعدة التجاوز في كل جزء من اجزاء الفاتحة أو الآية أو
الكلمة ، بل الظاهر كون الفاتحة ـ بل القراءة ـ بنظرهم فعلا واحدا ، بل القرينة
على هذا الاعتبار والشاهد له هو إلحاق المشهور الغسل والتيمم بالوضوء في هذا الحكم
، إذ لا وجه له بحسب الظاهر إلا ملاحظة كون الوضوء أمرا واحدا باعتبار وحدة مسببه
، فيطرد في الغسل والتيمم. وإذا ثبت هذا الأمر وتقرر ، فلا وجه حينئذ لكلا
الإشكالين ، لأن اجزاء الوضوء لم تلحظ بنظر الشارع أفعالا مستقلة كي يتحقق التجاوز
عنها والدخول في غيرها ـ فتكون موردا للتعارض ـ أو يتحقق الشك في اجزائها بعد
الفراغ عنها ـ فيشملها الذيل فيلزم مخالفة الإجماع ـ ، بل لوحظ مجموعها فعلا واحدا
، فالتجاوز عنها لا يتحقق إلاّ بعد الفراغ من الوضوء ، فالاعتناء بالشك في الأثناء
انما كان لعدم صدق التجاوز بنظر الشارع.
ومن الغريب ما جاء
في تقريرات السيد الخوئي ( دام ظله ) من حمل كلام الشيخ في نفي جريان قاعدة
التجاوز في الوضوء على : ان المطلوب في باب الوضوء هو الطهارة ، وهي أمر بسيط لا
اجزاء له ، وأما الوضوء فهو مقدمة للمأمور به وليس متعلقا للأمر الشرعي ، فلا تجري
فيه قاعدة التجاوز. ثم أورد عليه بإيرادين [١]. ووجه الغرابة :
ان كلام الشيخ في المقام لا غموض فيه ، بل هو صريح فيما بيناه ولا إشارة فيه إلى
ما جاء في التقريرات. فلاحظه تعرف.
وقد أورد المحقق
العراقي قدسسره على الشيخ في تقريبه المزبور بوجهين :
الأول : ان وحدة
الوضوء الاعتبارية ( لا تجتمع مع ) تنافي التصريح في صدر الرواية بالشك في شيء من
الوضوء الّذي يفيد كون الوضوء عملا ذا أجزاء.
الثاني : انه لو
كان الملاك والعلة في هذا الاعتبار وحدة الأثر المترتب على العمل ، لاطرد ذلك في
سائر العبادات من الصلاة وغيره ، فان الصلاة مما يترتب
[١] الواعظ الحسيني
محمد سرور. مصباح الأصول ـ ٣ ـ ٣١٤ ـ الطبعة الأولى.