الشك في جزئه بعد
الدخول في غيره ، كالشك في غسل بعض اليد بعد الفراغ منها والدخول في غيرها من
إعمال الوضوء ، لأنه يصدق عليه انه شك في جزء العمل بعد الفراغ عن العمل والدخول
في غيره ، مع ان إلغاء هذا الشك خلاف الإجماع لانعقاده على الاعتناء بمطلق الشك في
الأثناء.
والآخر : هو حصول
التعارض بين هذا الخبر وبين الأخبار الدالة على إلغاء الشك في الشيء بعد التجاوز
عنه ، فيما إذا شك في جزء من أجزاء الوضوء بعد الدخول في غيره من الاجزاء وقبل
الفراغ من الوضوء ، إذ باعتبار انه شك بعد تجاوز المحل يكون مشمولا لاخبار قاعدة
التجاوز. وباعتبار انه شك في جزء العمل قبل الفراغ عن العمل يكون موردا لهذا
الخبر.
وقد يستشكل : بان
التعارض المذكور حاصل دائما بين منطوق دليل قاعدة التجاوز ومفهوم قاعدة الفراغ عند
الشك في الجزء بعد تجاوزه وقبل الفراغ عن العمل ، إذ مفاد قاعدة التجاوز عدم
الاعتناء بالشك ومفهوم قاعدة الفراغ الاعتناء به لأنه في الأثناء.
ولكنه فاسد جدا ،
لما عرفت ان هذا التعارض البدوي ينحل بحكومة دليل قاعدة التجاوز على دليل قاعدة
الفراغ ، لأن الشك في الصحة مسبب عن الشك في الجزء ، فيرتفع بجريان قاعدة التجاوز
فيه.
وهذا غير ما نحن
فيه ، لأن المورد واحد لكلتا القاعدتين ، وموضوع إحداهما عين موضوع الأخرى ، إذ لا
شك الا شك واحد تنطبق عليه كلتا القاعدتين.
وقد تفصى الشيخ رحمهالله عن هذين
الإشكالين : بان الوضوء بأجزائه كلها فعل واحد بنظر الشارع ، بمعنى : ان هذا الأمر
المركب في الحقيقة اعتبره الشارع أمرا واحدا ، فلم يلحظ كل جزء منه فعلا مستقلا بل
لوحظ المجموع فعلا واحدا. والمصحح لهذا الاعتبار هو وحدة المسبب وهو الطهارة ،
فانها أمر بسيط غير مركب يترتب على الوضوء ، وهذا أمر ليس بالغريب المستبعد
لارتكاب المشهور مثله