للعلم التفصيليّ ، فهو كالنظر الضعيف الّذي لا ينكشف له كل
شيء في قبال النّظر القوي الّذي تنكشف له خصوصيات الأشياء.
ولكنه خيال فاسد ،
فان النّظر الضعيف لا يختلف عن القوي سنخا ، بل هو في الحقيقة كالنظر القوي إلا انه
لا يتعلق بتمام الخصوصيات ، فالضعف يرجع إلى عدم النّظر من بعض الجهات وهي دقائق
الأمور أو أباعدها ـ مثلا ـ. وبعبارة أخرى : القوة والضعف فيما به النّظر وهو
العين لا في النّظر نفسه ، بل هو ـ بالنسبة إلى ما تعلق به ـ على حد سواء بين
القوي والضعيف فانتبه.
وعلى كل فقد ظهر
إمكان تعلق العلم بالفرد الخارجي المردد بين شخصين.
وأما الإيراد
الأول الّذي ذكره المحقق الأصفهاني فهو يندفع : بان ما أفاده من ان الفرد المردد
لا ثبوت له ، أجنبي عما نحن فيه وما ادعيناه ، فان متعلق العلم ـ بالنحو الّذي
ادعيناه ـ فرد واقعي متعين في نفسه لا تردد في وجوده ، وإنما التردد لدى العالم به
في أنه أي الشخصين ، فلم نلتزم بثبوت المردّد في الواقع ، بل التزمنا بثبوت التردد
لدى العالم لجهله بالخصوصية المميزة ، وهذا أمر ممكن بلا كلام ، ففرق بين التردد
لدى العالم والتردد في الواقع.
وإيراده ناش من
خلط الترديد في الواقع مع الترديد لدى العالم ، وبذلك أفحم الغير ، ولم يعرف الغير
كيفية التخلص عن ذلك.
ومن هنا ظهر ان ما
جاء في بعض الكلمات في تقريب تعلق العلم بالجامع : بان العلم إما ان يتعلق
بالخصوصية المعينة ، فهو خلف لفرض الجهل بها. أو يتعلق بالخصوصية المرددة وهي مما
لا تقرر لها في أي وعاء [١]. قابل للدفع : بأنه يتعلق بالخصوصية المعينة واقعا المرددة
لدى العالم ، وهو مما لا محذور فيه ولا امتناع.
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٤٢ ـ الطبعة الأولى.