وأما الإيراد الثاني
للمحقق الأصفهاني ، فيردّ : بأنا نتصور شقا ثالثا ، وهو تعلق العلم بالشخص ، بلا
تشخيص لخصوصيته المميزة ، ولا ملازمة بين نفي العلم بالخصوصية وتعلقه بالجامع ،
كما في مثال الرؤية الّذي عرفته.
وهنا إشكال آخر
للمحقق النائيني رحمهالله على تعلق العلم بالفرد المردد : بان العلم لو كان متعلقا
بفرد واقعي مردد بين شخصين ، لكان له واقع يرتبط به وقابل للعلم به تفصيلا ، بحيث
ينكشف انه هو المعلوم إجمالا ، مع انا نرى خلافه في بعض الموارد كما لو علم إجمالا
بنجاسة أحد الإناءين ، ثم ظهر في علم الله تعالى نجاسة كلا الإناءين ، فما هو
المعلوم بالإجمال منهما؟ ، وبأيهما يرتبط العلم الإجمالي؟. لا يمكن تمييزه لكل أحد
حتى علاّم الغيوب [١]
ويندفع هذا
الإشكال : بان العلم الإجمالي ..
تارة : ينشأ من
تعلق الحس بالصورة الإجمالية المرددة ، كالنظر إلى شخص مشتبه دخل إلى الدار.
ولا يخفى ان
المعلوم بالإجمال في مثل ذلك يكون له تميز واقعي لا ترديد فيه ، فلو ظهر إن كلا
الشخصين في الدار ، كان معلومه بالإجمال من نظر إليه ورآه دون غيره.
وأخرى : ينشأ من
العلم بتحقق منشأ طرو الوصف العارض على أحدهما لا عن طريق الحس كالاخبار الموجب
للعلم ، ثم يظهر ان كلا المشتبهين معروضان للوصف ، لكن عروض الآخر كان بسبب منشأ
آخر كان مجهولا لديه ، فان معلومه بالإجمال له تعيّن واقعي ، وهو ما علم بتحقق
المنشأ الخاصّ فيه ، كما لو علم بوقوع قطرة من البول في أحد الإناءين ثم ظهرت
نجاسة الآخر بوقوع الدم فيه.
[١] الفياض محمد
إسحاق ، محاضرات في أصول الفقه : ٤ ـ ٤٣ ـ الطبعة الأولى.