أدلة رفع الإكراه ودليل نفي الضرر. وأما الحكم الوضعي ، وهو
ضمان التالف الثابت بمقتضى دليل : « من أتلف مال غيره فهو له ضامن ».
فقد يقال :
بارتفاعه عن المكره ، لأن تشريع مثل هذا الحكم يستلزم ارتداع المكلف عن الإتلاف ،
والارتداع هاهنا ضرري ، لأنه مخالفة للجائر المتوعد ـ وقد تقدم توضيح ارتفاع
الضمان بلحاظ مثل هذا الضرر في الفرض الثاني ـ. ولكن يدفعه : ان رفع الضمان أيضا يستلزم الضرر على الغير ،
وهو من أتلفت داره ، وفي مثله لا تجري قاعدة نفي الضرر كما أشرنا إليه في الفرض
المتقدم. إذن فيتعين الالتزام بالضمان هاهنا أخذا بعموم دليله.
وأما الثاني ، فلا
إشكال أيضا في ارتفاع الحكم التكليفي فيه لدليل نفى الإكراه على نحو ما تقدم ،
وأما الضمان فهو مرتفع ، لأن جعله ضرري على المكره لترتب الارتداع عليه المستلزم
لا ضرار الجائر به ، ولا يعارضه الضرر الواقع على الغير ، إذ هو واقع على كل حال
منه أو من غيره ممن لا يكون بصدد التعويض كنفس الوالي ، فلا يكون تركه مستلزما
لدفع الضرر عن الغير كما هو الحال في النحو الأول ، لعدم انحصار الأمر به ، فقد
يقوم بالهدم من لا دين له ولا يهتم بدليل الضمان ، وفي مثله لا يكون جعل الضمان
مستلزما لعدم الضرر ، ومثل هذا الضرر لا يعارض الضرر المتوجه إلى المكره لو ترك
العمل المكره عليه. فالتفت.
وأما الصورة
الثانية : فلا وجه للالتزام بجواز نهب مال الغير لدفع الضرر عن نفسه ، لأن دفع
الضرر عن نفسه معارض بإضرار الغير. وهو واضح.
الفرض الرابع : ما
إذا أدخلت الدّابّة رأسها في القدر بحيث دار الأمر بين كسر القدر وتخليص الدّابّة
، أو قتل الدّابّة وتخليص القدر.
وهاهنا صور ثلاث :
الأولى : ان لا يكون ذلك عن فعل شخص ، بل يتحقق بدون اختيار. الثانية : ان يكون
بفعل أجنبي. الثالثة : ان يكون بفعل أحد المالكين.