نعم ، لو أريد من
عبارة الرسالة صورة ورود ضرر من السماء يدور أمره بين شخصين ، كما إذا أدخلت
الدّابّة رأسها في القدر من دون تفريط أحد المالكين ، ودار الأمر بين كسر القدر أو
قتل الدّابّة كان حسنا. إذ يمكن الالتزام هاهنا باختيار أقل الضررين.
هذا ما أفاده قدسسره في هذا التنبيه
مع بعض تلخيص [١].
وكلامه قدسسره يبدو مجملا ولا
يخلو من ارتباك. ويتضح ذلك بالتعرض لكل فرض من الفروض المزبورة والتكلم فيه على
حدة.
الفرض الأول :
تحمل الضرر المتوجه إلى الغير لدفعه عنه.
ولا يخفى أنه لا
مجال لتحكيم قاعدة : « لا ضرر » في هذا الفرض ، لإثبات وجوب تحمل الضرر ، لا من
جهة ما أفاده قدسسره من ورود الحديث مورد المنة فلا يجري في مورد يستلزم منه
الضرر ، بل من جهة عدم الموضوع لجريانها ، وذلك لأن القاعدة ناظرة ـ كما عرفت ـ إلى
الأحكام الضررية فتتكفل رفعها.
ومن الواضح انه
ليس لدينا في هذا الفرض ومع قطع النّظر عن قاعدة : «
لا ضرر » حكم ضرري كي يقال ان رفعه خلاف المنة ، إذ الثابت هاهنا انه لا يجب على
الإنسان دفع الضرر عن الغير أو رفعه ولو لم ينشأ منه ضرر عليه ، فلو رأى ضررا
متوجها إلى غيره كسيل متوجه إلى داره يستلزم خرابها ، فلا يجب عليه أن يدفع السيل
حتى لو لم يستلزم ضررا عليه.
وبعبارة أخرى : ان
الثابت فيما نحن فيه ليس إلاّ عدم لزوم دفع الضرر ، وهو أمر عدمي ، وقد عرفت ان
الحديث لا نظر له إلى الأمور العدمية الشرعية. إذن فلا مورد للقاعدة هاهنا أصلا.
وبالجملة : لم
نعرف وجها لإثبات وجوب تحمل الضرر عن الغير بقاعدة :
[١] الخوانساري
الشيخ موسى. قاعدة لا ضرر ـ ٢٢٢ ـ المطبوعة ضمن غنية الطالب.