بلحاظ المخالفة القطعية ، فلا يجوز ترك امتثال كلا الحكمين
المحتملين. ولا يسقط عن التنجيز بالمرة ، كما يأتي في محله. وببيان آخر : ان
المكلف مضطر إلى مخالفة أحد الطرفين لا بعينه ، وبمقتضى ما سيجيء في صورة الاضطرار
إلى أحد الطرفين لا بعينه ، هو الالتزام بمنجزية العلم الإجمالي في الطرف الآخر ،
وحرمة مخالفته قطعا.
وهذا الأمر التزم
به صاحب الكفاية هاهنا [١]. مع انه لا يرى منجزية العلم الإجمالي مع الاضطرار إلى أحد
الأطراف لا بعينه ، بل يرى سقوطه عن المنجزية رأسا حتى بالنسبة إلى المخالفة
القطعية ، ولذا التزم في مبحث دليل الانسداد سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية
للاضطرار إلى بعض الأطراف للزوم اختلال النظام بالاحتياط التام ، وان استفادة
الاحتياط في باقي الأطراف لا بد أن يكون بدليل آخر من إجماع أو غيره [٢].
ولأجل ذلك أورد
عليه : بان التزامه بحرمة المخالفة القطعية فيما نحن فيه لا يتلاءم مع مختاره فيما
يأتي إن شاء الله تعالى ، لأن المورد من موارد الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه.
فلاحظ [٣].
الجهة
الثانية : فيما ذكره من عموم محل الكلام لهذه
الصورة وعدم اختصاصه بالتوصليين ، وقد تقدم نقل كلامه واعتراضه على الشيخ في تخصيصه الكلام في التوصليين.
والّذي نراه ان ما
ذكره الشيخ رحمهالله هو الصحيح المتعين ، فان جميع الوجوه التي تذكر في التوصليين لا تتأتى في هذه
الصورة. بيان ذلك : أما جريان أصالة البراءة بالتقريب السابق ، فهو لا يمكن
الالتزام به هاهنا لأن إجراء
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٥٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣١٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٣] البروجردي الشيخ
محمد تقي. نهاية الأفكار ـ ٣ ـ ٢٩٧ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.