المورد
الخامس : ما إذا كان منشأ الشك في الشرطية هو
الشك في حكم تكليفي مستقل. كما لو كان منشأ اعتبار الشرطية حكما تكليفيا مستقلا ،
نظير ما يقال في اشتراط عدم الغصب في الصلاة من جهة حرمة الغصب وثبوت التضاد بين
الحرمة والوجوب ، فإذا شك في جواز الصلاة في مكان للشك في انه غصب أو لا ، فمنشأ
الشك في جواز الصلاة في ذلك المكان هو الشك في حرمة الكون فيه.
وقد التزم الشيخ رحمهالله : بان جريان
أصالة البراءة في الحكم التكليفي يكون حاكما على الأصل في الشرطية المشكوكة من
براءة أو احتياط ، لأن نسبة الشك في الحكم التكليفي المستقل إلى الشك في الشرطية
نسبة الشك السببي إلى المسببي ، والأصل الجاري في الشك السببي يكون حاكما على
الأصل الجاري في الشك المسببي [١].
وقد استشكل فيه
المحقق النائيني ـ بعد ان بيّن ان الشرطية قد تكون منتزعة عن تكليف غيري مع قطع
النّظر عن الحكم التكليفي ، سواء كان في موردها حكم تكليفي كلبس الحرير في الصلاة
، أو لم يكن كالصلاة فيما لا يؤكل لحمه. وقد تكون ناشئة من الحكم التكليفي ، وعلى
الأخير تارة : يكون منشأ الشرطية هو الحكم الواصل ، كاشتراط عدم الغصب في الصلاة باعتبار
حرمته بناء على التزاحم. وأخرى : يكون منشؤها هو الحكم بوجودها الواقعي ، كالمثال
المتقدم بناء على التعارض. وان محط نظر كلام الشيخ هو الصورة الأخيرة ، إذ الصورة
الأولى لا يحتاج فيها إلى الأصل عند الشك ، بل مجرد عدم الوصول والشك يكفي في عدم
المزاحمة وارتفاع الشرطية.
بعد أن بيّن ذلك
استشكل قدسسره ـ : بأن الأصل الجاري في الحكم
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٨٦ ـ الطبعة الأولى.