واقعية ملزمة في متعلقاتها ، فمع العلم الإجمالي بوجوب
الأقل أو الأكثر يعلم إجمالا بوجوب غرض ملزم واحد يدور أمره بين ترتبه على الأقل
أو على الأكثر ، فيجب الإتيان بالأكثر للزوم تحصيل الغرض الملزم ، وهو لا يعلم
إلاّ بإتيان الأكثر وهو غرض واحد بسيط ، فالشك بين الأقل والأكثر إنما هو فيما
يحققه لا فيه نفسه ، وهو مجرى الاحتياط بالاتفاق ، لأنّه من موارد الشك في المحصل.
وقد استشكل الشيخ
في هذا الوجه بإشكالين :
الأول : ان مسألة
البراءة والاحتياط لا تبتني على مذهب المشهور من العدلية القائلين بنشوء الواجبات
الشرعية عن مصالح ملزمة واجبة التحصيل عقلا ، بل هي يبحث فيها حتى على مذهب
الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح ، وعلى من يكتفي بثبوت المصلحة في نفس الأمر من
العدلية ، فهذا البيان للاحتياط لا ينفع الجميع.
الثاني : عدم
التمكن من إحراز تحقق الغرض الملزم بإتيان الأكثر ، وذلك لأن الغرض إنما يترتب على
العمل إذا جيء به بقصد الامتثال. وعليه فيحتمل ان يكون الغرض متوقفا على الإتيان
به بقصد الوجه لاحتمال اعتباره ، وهو متعذر فيما نحن فيه للجهل بما هو الواجب ،
فإحراز تحقق الغرض غير متحقق ، فلم يبق سوى التخلص من تبعة الأمر الموجه إليه ،
وقد عرفت الانحلال بلحاظه [١].
وقد التزم صاحب
الكفاية بالوجه المزبور ، وردّ وجهي الشيخ.
أما الأول ، فبأن
ما أفاده قدسسره لا ينفي لزوم الاحتياط على من يذهب مذهب المشهور من العدلية كالشيخ رحمهالله ، وعموم الحديث
في مسألة البراءة لجميع المذاهب لا ينافي ذلك كما لا يخفى.
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٧٣ ـ الطبعة الأولى.