وهذا البيان ممنوع
، وذلك لأن الإطلاق والتقييد وان كانا طرفي العلم الإجمالي ، لكن هذا العلم
الإجمالي لا يرتبط بالعلم الإجمالي المدعى تنجزه ، إذ العلم الإجمالي المدعى تنجزه
هو العلم بتكليف وإلزام مردد. ومن الواضح أنه لا موهم لأخذ الإطلاق في متعلق
الإلزام ، بحيث يتحقق الإلزام به ، لأن مرجع الإطلاق إلى عدم دخالة شيء في متعلق
التكليف ولا معنى للإلزام بذلك. إذن فالعلم المدعى تنجزه هو العلم الإجمالي بوجوب
الأقل أو الأكثر ، وهذا وان لازم العلم الإجمالي بالإطلاق أو التقييد لكن لا ربط
له بمحل الكلام ، فهو نظير العلم الإجمالي بان الزمان فعلا إما ليل أو نهار. إذن
فمجرى البراءة على تقديرها هو وجوب ذات الأقل لا نفس الإطلاق ، وهي مما لا مانع من
جريانها فيه ، فتعارض البراءة في وجوب الأكثر. فالتفت ولا تغفل. ونكتفي بهذا
المقدار من التنبيه على بعض المؤاخذات على الدراسات ، والله سبحانه ولي العصمة.
وجملة القول : ان رد
القول بالاحتياط لأجل العلم الإجمالي ينحصر في دعوى الانحلال في حكم العقل المبتني
على الالتزام بالتبعض في التنجيز. فتأمل جيدا [١].
الأمر
الثاني : من وجهي القول
بالاحتياط ـ ما أشار إليه الشيخ في كلامه ، وهو انه لا إشكال في لزوم تحصيل غرض
المولى الملزم بحكم العقل ، فيجب الإتيان بما يحققه ، وبما ان الواجبات الشرعية
تنشأ من مصالح وأغراض
[١] ثم إن سيدنا
الأستاذ ( دام ظله ) ذكر في بداية هذا البحث ضرورة التعرض إلى تحقيق نحو نسبة وجوب
الكل إلى اجزائه ، وانه هل يقبل التبعض بحيث يتصف كل جزء بحصة من الوجوب ، نظير
اتصاف الجسم الأبيض بالبياض فان كل جزء منه يقال انه أبيض. أو لا يقبل التبعض بحيث
لا يتصف كل جزء بالوجوب نظير الحمى العارضة على الجسم ، فانها وان سرت إلى جميع
اجزاء الجسم لكن كل جزء منه لا يصلح ان يتصف بالحمى ، فيقال انه محموم؟. ولعل في
بعض كلمات الكفاية في مبحث التعبدي والتوصلي ما يشير إلى التزامه بهذا المبنى.
ولكنه ( دام ظله ) أغفل تحقيق ذلك ، لأجل عدم أهميته فيما نحن فيه ، وذكر انه
سيتعرض له في المحل المناسب الّذي يكون لتحقيقه فيه أثر فانتظر.