الاجتناب عن النجس نفسه ، لكن هذا لا يضر في لزوم الاجتناب
عن ملاقي أحد المشتبهين بالنجس ، وذلك لأنه يكون طرفا لعلم إجمالي آخر يقتضي تنجز
التكليف فيه ، فانه عند تحقق الملاقاة يحصل عند المكلف علم إجمالي آخر بنجاسة أحد
الإناءين ، إما الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف الآخر للملاقى ـ بالفتح ـ ، وهذا
العلم الإجمالي يوجب تنجز التكليف في الملاقي ، كاستلزام العلم الإجمالي الّذي
طرفاه الملاقى والإناء الآخر لتنجيز طرفيه.
وقد تصدى الأعلام
إلى دفع هذه الدعوى ، وبيان عدم منجزية العلم الإجمالي الآخر.
فذكر الشيخ رحمهالله في هذا المقام :
ان أصل الطهارة والحل في الملاقي يمكن إجراؤه بلا ابتلائه بالمعارض الموجب
للتساقط. وذلك لأن الشك في نجاسة الملاقي ناشئ ومسبب عن الشك في نجاسة الملاقى ،
فالشك في الملاقى سببي وفي الملاقي مسببي ، وقد تقرر في محله انه لا مجال لجريان
الأصل في الشك المسببي مع جريانه في الشك السببي ، سواء كان موافقا أم مخالفا ،
لحكومة أو ورود الأصل السببي على الأصل المسببي.
وعليه ، فظرف
جريان الأصل المسببي هو ظرف امتناع جريان الأصل السببي لمانع منه ، ولا يكونان في رتبة
واحدة.
وهذا يقتضي انه لا
تصل النوبة إلى جريان الأصل في الملاقي إلا بعد سقوط الأصل في الملاقى وعدم جريانه
، وهو انما يسقط بمعارضته بالأصل الجاري في الطرف الآخر. فإذا تساقطا معا كان
الأصل في الملاقي جاريا بلا معارض.
وبالجملة : لا
يلزم من جريان الأصل المرخص في الملاقي محذور لعدم معارضته بمثله في الطرف الآخر ،
لسقوط الأصل فيه في مرحلة سابقة على جريانه في الملاقي ، وهي مرحلة جريان الأصل في
الملاقى الّذي عرفت تقدمه