وبعبارة أخرى :
يكون مراده ان شمول حديث الرفع يتفرع على المفروغية عن أصل الوضع ، فلا يثبت في
مورد لا وضع فيه. لا أن مراده انه لا يتكفل وضع التكليف ، لأنه خلاف الامتنان كما
هو ظاهر كلامه. فتدبر.
وهذا بعض الكلام
في هذه الجهة ، وتمام التحقيق يأتي في محله من دوران الأمر بين الأقل والأكثر إن
شاء الله تعالى فانتظر.
الجهة
الرابعة : في شمول رفع
الاضطرار والإكراه للأحكام الوضعيّة.
وعمدة الكلام في
الأحكام الوضعيّة المرتبطة بباب المعاملات. وهي على قسمين : عقود وإيقاعات ...
أما المعاملات
العقدية كالبيع ونحوه ، فلا يشمله رفع الإكراه والاضطرار لما تقدم من ان ظاهر
الرفع عن المكلف انه في مقابل الوضع عليه الظاهر في نوع من الثقل ، ولا يقل في
الحكم الوضعي كصحة البيع ونحوها بلحاظ ذاته ، إذ قد يرغب فيه المكلّف ويحاول
تحقيقه بشتى الطرق في بعض الأحيان.
ولما تقدم من ان
مثل صحة البيع ونحوها ليس مما يتعلق بمكلف خاص يخاطب به ، بل هو حكم يخاطب به جميع
المكلفين ، فليست هي مجعولة على المضطر أو المكره ، كي ترتفع عنه بالاضطرار أو
الإكراه ، سواء كانت حكما وضعيا أم كانت حكما انتزاعيا ، إذ هي تنتزع عن مجموعة
أحكام تكليفية تتعلق بمجموع المكلفين لا من خصوص ما يتعلق به من أحكام.
هذا ، مع أن رفع
صحة البيع بالنسبة إلى المضطر إليه خلاف الامتنان والإرفاق به ، إذ يؤدي به ذلك
إلى الهلاك.
كما أنه لا جدوى
في إثبات شمول رفع الإكراه للمعاملات المالية كالبيع ، لما علم من الأدلة بتقييد
الصحة فيها بصورة عدم الإكراه وطيب النّفس والرضا ، فالصحة منتفية في صورة الإكراه
لتلك الأدلة.