ولكنه قدسسره خصّ هذا البيان
بمورد الشك في الجزئية أو نسيانها ، أما مورد الاضطرار إلى ترك الجزء ، فقد ذهب
إلى عدم جريان حديث الرفع فيه [١].
ويمكن أن يقال في
بيان الفرق بين صورة الاضطرار وصورة الجهل : إن الاخبار بعدم جزئية شيء لشيء لازم
أعم لعدم تعلق الأمر بالمركب أصلا وللأمر بالمركب الفاقد لذلك الشيء. إلا ان
الاخبار بالرفع المقابل للوضع ، لا يصح إلا في مورد يكون أصل ثبوت الأمر مفروغا
عنه ، وانما الشك في جزئية شيء للمأمور به ، فإذا قال المولى : « جزئية هذا الشيء
للمأمور به مرفوعة » ، فانه ظاهر في المفروغية عن ثبوت الأمر بالمركب ووجود
المأمور به. فلا يشمل المورد الّذي لا يكون للمركب المأمور به ثبوت.
وعليه ، نقول : في
موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر لما كان وجود المأمور به المركب مفروغا عنه
للعلم به ، وانما الشك في جزئية شيء له ، كان الرفع صادقا ، إذ يصدق رفع جزئية
المشكوك عن المأمور به. فيكون حديث الرفع شاملا لموارد الجهل بالجزئية.
أما مع العجز عن
إتيان الجزء ، فبما أنه يسقط الأمر بالكل للعجز عن بعض أجزائه ، فلا يكون ثبوت
المأمور به مفروغا عنه ، مع قطع النّظر عن حديث الرفع الّذي يحاول به إثبات الأمر
بالباقي ، فلا يصدق حينئذ رفع الجزئية ، فعدم شمول حديث الرفع لموارد الاضطرار
العقلي إلى ترك الجزء من باب عدم صدق الرفع على نفي الجزئية.
ولعل هذا هو الوجه
الفارق بين الصورتين في نظر صاحب الكفاية ، فيكون مراده ان حديث الرفع لا يشمل
مورد الاضطرار لعدم صدق الرفع ، لا
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٦٦ ـ ٣٦٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.