في زمان سابق مشكوكا في زمان لاحق. و بعبارة أخرى يكون متيقن الحدوث و مشكوك البقاء، و يسمى الشك حينئذ بالشك الطارئ، و هذا هو مورد للاستصحاب، و لا فرق فيه بين أن يكون اليقين في حدوثه مقدماً على الشك من حيث الزمان أو مؤخراً عنه أو يكونا متقارنين في الزمان. و أخرى يكون متعلق الشك مقدماً على متعلق اليقين بان يكون الشيء مشكوكا في زمان سابق متيقناً في زمان لاحق، و هذا مورد الاستصحاب القهقرى، و لا يشمله دليل حجية الاستصحاب، لأن قوله عليه السلام-:
«لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت»- صريح في تقدم متعلق اليقين على متعلق الشك، فلا يدل على حجية الاستصحاب فيما إذا تقدم المشكوك على المتيقن، فهذا الاستصحاب لا يكون حجة إلا في موضع واحد، و هو ما إذا كان معنى اللفظ متيقناً في العرف فعلا و شك في أنه هل كان في اللغة أو عرف الأئمة عليهم السلام كذلك أم لا؟ فيحكم بكون اللفظ حقيقة في اللغة و عرف الأئمة عليهم السلام أيضا بأصالة عدم النقل. و حجية هذا الاستصحاب في خصوص هذا المورد ثابتة ببناء العقلاء، و لو لا حجيته، لانسد علينا باب الاستنباط، لاحتمال كون ألفاظ الأخبار- في عرفهم عليهم السلام- ظاهرةً في غير ما هي ظاهرة فيه في عرفنا الحاضر. و كذا ألفاظ التسجيلات المذكورة في كتب القدماء. و إما ان يكون متعلق اليقين و الشك متحداً ذاتاً و مقارناً زماناً، و هذا لا يتصور إلا مع اختلاف اليقين و الشك من حيث الزمان، فتارة يكون الشك مقدماً على اليقين كما إذا شككنا يوم الخميس في عدالة زيد يوم الأربعاء ثم علمنا يوم الجمعة عدالته يوم الأربعاء، و هذا مما لا إشكال فيه، فانه يجب عليه العمل بوظيفة الشاك ما دام شاكاً، و العمل بوظيفة المتيقن بعد تبدّل شكه باليقين، و أخرى يكون اليقين مقدماً على الشك، و يسمى بالشك الساري، لسريانه إلى نفس متعلق اليقين كما إذا علمنا يوم الخميس بعدالة زيد يوم الأربعاء و شككنا يوم الجمعة في عدالته يوم الأربعاء لاحتمال أن يكون علمنا السابق جهلًا مركباً و هذا مورد قاعدة اليقين، و سيجيء