و الّذي ينبغي ان يقال ان التخيير المحتمل في المقام إما ان يكون تخييرا عقليا، كما إذا دار الأمر بين تعلق التكليف بحصة خاصة أو بالجامع العرفي بينها و بين غيرها من سائر حصص الجامع. و إما ان يكون تخييرا شرعيا، كما إذا كان ما يحتمل وجوبه مباينا في الماهية لما علم وجوبه في الجملة و لم يكن بينهما جامع عرفي، نظير ما تقدم من المثال في كفارة تعمد الإفطار. و قد ذكر في محله ان الوجوب التخييري في هذا القسم يتعلق بالجامع الانتزاعي المعبر عنه بأحد الشيئين أو أحد الأشياء، أما في موارد احتمال التخيير العقلي، فتعلق التكليف بالجامع معلوم، و انما الشك في كونه مأخوذا في متعلق التكليف على نحو الإطلاق و اللابشرط، أو على نحو التقييد و بشرط شيء، إذ لا يتصور الإهمال بحسب مقام الثبوت و الإطلاق و التقييد و ان كانا متقابلين و لم يكن شيء منهما متيقنا، إلا انك قد عرفت سابقا ان انحلال العلم الإجمالي غير متوقف على تيقن بعض الأطراف، بل يكفى فيه جريان الأصل في بعض الأطراف بلا معارض. و قد سبق ان جريان أصالة البراءة العقلية و النقليّة في جانب التقييد غير معارض بجريانها في طرف الإطلاق، فإذا ثبت عدم التقييد ظاهرا لأدلة البراءة لا يبقى مجال لدعوى رجوع الشك إلى الشك في الامتثال، ليكون المرجع قاعدة الاشتغال، فان الشك في الامتثال منشؤه الشك في إطلاق الواجب و تقيده، فإذا ارتفع احتمال القيد بالأصل يرتفع الشك في الامتثال أيضا. و من ذلك يظهر الحال في موارد احتمال التخيير الشرعي، و ان الحكم فيه أيضا هو التخيير، لأن تعلق التكليف بعنوان أحد الشيئين في الجملة معلوم، و انما الشك في الإطلاق و التقييد فتجري أصالة البراءة عن التقييد. و بضم الأصل إلى الوجدان يحكم بالتخيير.
(الوجه الثالث)- ما ذكره المحقق النائيني (ره) أيضا، و هو ان الوجوب التخييري يحتاج إلى مئونة زائدة في مقامي الثبوت و الإثبات اما في مقام الثبوت