انه لاجل تعارضه مع ادلة ثبوت خلافه لما حصل بعد التغير كادلة طهارة الملح وهو فاسد جدا لانه ان اريد به مثل قوله كل شئ طاهر حتى تعلم انه قذر فهو لا يعارض الاستصحاب كما بيناه في موضع آخر وان اريد به مثل قوله الملح طاهر فهو غير متحقق في الاكثر فيلزم اختصاص اشتراط عدم تغير الموضوع بمواضع خاصة مع انه قد يكون ما حصل بعد التغير موافقا لحكم قبله كما إذا صار الكلب عذرة فيلزم جواز استصحاب النجاسة الكلبية ومع ذلك فلو سلم التعارض فلم يكون الحكم للدليل المعارض دون الاستصحاب مع ان الحكم عند التعارض فقد المرجح التخيير لا طرح الاستصحاب وان قلت بالتساقط والرجوع الى الاصل فقد يقتضى الاصل حكم الاستصحاب كما إذا انقلب الخل خمرا والماء بولا ونحو ذلك ولا يخفى انه وقع الاشتباه لكثير في مسألة اشتراط عدم تغير الموضوع في وجوه كثيرة ووقعوا لاجله في اشتباهات عديدة فمنهم من اشتبه الامر عليه في سبب اشتراطه ومنهم من اخطأ في فهم المراد من متغير الموضوع كما مر في بعض العوايد المتقدمة ومنهم من اشتبه الامر عليه في معرفة الموضوع ومن ذلك ما ذكره بعضهم في مسألة الماء المتغير بالنجاسة إذا زال تغيره فيقول لا يمكن استصحاب النجاسة لتغير الموضوع لانه هو الماء المتغير وقد انتفى التغير وهذا خطاء لان هذا انما كان يصح إذا قال الشارع الماء المتغير بالنجاسة نجس فيكون الحكم النجاسة والموضوع الماء المتغير ولكن ليس كذلك بل قال الماء إذا تغير نجس فالحكم قبول النجاسة بالمتغير والموضوع الماء واما انه نجس مطلقا فمأخوذ من حكمه بان كلما صار نجسا فيكون نجسا حتى يرد عليه التطهير وهذا الحكم ثابت لكل شئ لا للماء المتغير خاصة والحاصل الفرق بين قوله الماء المتغير نجس وقوله الماء ينجس بالتغير فان الموضوع في الاول الماء المتغير والحكم النجاسة وفى الثاني الموضوع الماء والحكم النجاسة بسبب التغير عائدة قد دارت على السنتهم اصالة اتحاد العرفين وموضع استعمالهم ذلك الاصل انما هو فيما إذا لم يعلم اللفظ معنى اخر غير ما يعلم له مشتركا بينهما أو منقولا عن احدهما الى الاخر ودليله حينئذ اصالة عدم الاشتراك وعدم النقل وعدم تعدد المعنى وربما يسمع اجرائه فيما علم فيه احد التعددين ايضا والظاهر ان مراد من يقول ذلك ليس مطلق العرفين إذ لا وجه يتصور لاصالة تعدد كل عرفين مع العلم يتعدد المعنى نقلا أو اشتراكا اصلا بل مراده خصوص عرفى المتشرعة والشارع أو عرف متشرعة زمان مع عرف متشرعة زمان اخر وربما يستدل له تارة ببعد تغير العرفين في ذلك الزمان القليل واخرى بالغلبة أي الغالب في الالفاظ الجارية على السنته المتشرعة اتحاد معناهما المتبادر حينئذ مع معناها المتبادر في زمان الشارع وثالثة يكون ذلك طريقة العلماء وسيرة الفقهاء بل كل احد فانا نريهم يحملون الفاظ الكتب المصنفة في ازمنته قبل هذا الزمان الى زمان الشارع على ما يفهمون منها في هذا الزمان ويتبادر منها عندهم من غير تشكيك ولا تأمل ولو علم كون اللفظ ذا معنى اخر منقولا منه أو مشتركا بين ما يفهم منه في عرفهم وبين معنى اخر الا ان يعلموا اختلاف عرفهم وفساد الوجه الاول ظاهر جدا لانا نشاهد تغير العرف بزمان اقل من ذلك الزمان بكثير بل في ظرف سنتين أو ثلث سنين فانه إذا استعمل لفظ له معنى في اخر بقدر تلك المدة يهجر المعنى الاول ويترك فكيف بازيد من الف سنة كيف وتريهم