مخالفتها ضرورة أن التكليف المعلوم إجمالًا لو كان فعلياً لوجب موافقته قطعاً و إلا لم يحرم مخالفته كذلك أيضا. و منه ظهر أنه لو لم يعلم فعلية التكليف مع العلم به إجمالا إما من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معيناً أو مردداً أو من جهة تعلقه بموضوع يقطع بتحققه إجمالا في هذا الشهر كأيام حيض المستحاضة مثلا لما وجب موافقته بل جاز مخالفته و أنه لو علم فعليته و لو كان بين أطراف تدريجية لكان منجزاً و وجب موافقته فان التدرج لا يمنع عن الفعلية ضرورة أنه كما يصح التكليف بأمر حالي كذلك يصح بأمر استقبالي كالحج في الموسم للمستطيع فافهم.
يتضح لك سقوط هذا الاحتمال. فراجع و تأمل (1) (قوله: مخالفتها) هذه الإضافة لا تخلو من سماجة و تقدم مثلها (2) (قوله: أو من جهة تعلقه بموضوع) هذا لا ينبغي عده قسما مقابلا لما قبله فانه من القسم الأول أعني عدم الابتلاء، (3) (قوله: كأيام حيض المستحاضة) يعني لو ابتلي الرّجل بزوجته في أثناء الشهر فوجدها مستمرة الدم فانه يعلم بان لها أيام حيض يحرم فيها نكاحها لكن لا يدري انها فيما مضى أو في الحال أو فيما يأتي (4) (قوله: بين أطراف تدريجية) كما لو نذر أن يصوم يوم الجمعة و تردد بين غده و ما بعده فانه يعلم إجمالا بوجوب صوم الغد أو ما بعده و هما مترتبان زماناً و لا يقدح ترتبهما في وجوب الاحتياط.
و دعوى أن ما بعد الغد مستقبل فلا يصح التكليف به لعدم القدرة عليه قبل وجوده فلا علم إجمالي بالتكليف. مندفعة بأنه يصح التكليف بالاستقبالي كما يصح بالحالي كما هو موضح في الواجب المعلق، و نظيره التكليف بالحج في الموسم و هو أيام الحج من شهر ذي الحجة فانه يتحقق عند خروج الرفقة المتقدم عليه بمدة طويلة،