و فيه: أنّ وجوب المقدمة متوقف على إرادة ذيها، فإما أن يقال بوجوبها أيضا مقيّدا بإرادته فيلزم لغوية الايجاب، أو وجوبه مطلقا.
و حينئذ، فإما أن يقال بوجوبها كذلك فمسلّم، لكن لا يلزم منه كونه متوقفا على إرادته، و إما أن يقال بعدم وجوبها في بعض أوقات وجوب ذيها. و حينئذ، يلزم التفكيك بين اللازم و الملزوم، و الظل و ذي الظلّ و هو محال، و لذا قيل: إنّ إنكار أصل وجوب المقدمة أقلّ فسادا من القول بتوقفه على الإرادة، فلا ريب في فساده.
ثم إنه قد اختلف في متعلّق وجوب المقدمة فقيل- و هو منسوب الى الشيخ المحقق الأنصاري (قدّس سرّه)- بأنّ ما هو بالحمل الشائع الصناعي مقدمة هو الفعل بداعي التوصّل الى ذيها.
و قيل- و هو منسوب الى صاحب الفصول عليه الرحمة-: هو الفعل الموصل الى ذيها مطلقا، سواء أراد التوصّل به الى ذي المقدمة أم لا.
و قيل: لا بشرط شيء من ذلك، بل هي واجبة سواء أراد ذواها أم لا، و سواء كانت موصلة أم لا.
قال في الفصول: ثم هل يعتبر في وقوع الواجب الغيري على صفة الوجوب (وجوبه- خ ل) أن يترتب عليه فعل الغير أو الامتثال به و إن لم يقصد ذلك أو يعتبر قصد التوصّل إليه أو الى الامتثال و إن لم يترتب عليه أو يعتبر الأمران أو لا يعتبر شيء منهما؟ وجوه، و التحقيق من هذه الوجوه هو الوجه الاول (الى أن قال:) و أما القصد فلا يعقل له مدخل في حصول الواجب و إن اعتبر في الامتثال. نعم، إن كان عبادة و كانت مطلوبيتها من حيث كونها للغير فقط اعتبر فيه ذلك كما في الوضوء و الغسل، بناء على نفي رجحانهما الذاتي. (انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علوّ مقامه).
و يظهر من بعض مقرّري بحث الشيخ أعلى اللّه مقامه أنه (رحمه اللّه) أيضا فصّل بين