و فيه: أنّ مقتضى المناسبة أنّ المقصود هو إرجاع الجاهل الى أهل الذكر بما هم أهل الذكر، و مصداقه مختلف باختلاف الموارد، ففي مورد الآية أهل الكتاب، و في السؤال عن المعارف و الأحكام الإسلامية ابتداءهم المعصومون (عليهم السّلام)، و في السؤال عنها مع الواسطة مصداقه رواة أحاديثهم (عليهم السّلام).
كما قد اورد عليه: بأنّ ظاهر إسناد السؤال الى أهل الذكر أنّ لكونهم أهل ذكر و علم دخلا في الإقدام على الجواب، و هو إنّما يكون في مثل المجتهد و المفتي، و لا يعمّ السؤال عن ألفاظ الإمام كما في الرواة.
و فيه: ما مرّ في ذيل آية النبأ فإنّ العالم بفتاوى المجتهد يصدق عليه أهل الذكر بالنسبة اليها، و ليس هو مجتهدا، و لا الرجوع اليه رجوع المستفتي الى المفتي، و هكذا كان رجوع الناس الى العالمين بالأحكام الإسلامية في ذلك الزمان، ثمّ إثبات رواية جميع الرواة محتاج الى عدم الفصل [1].
فهذان الإيرادان قابلان الدفع.
نعم، يرد عليه مع قطع النظر عن الوجه الأوّل للاستدلال: أنّ الأمر بالسؤال اذا لم يعلم لعلّه كان لغاية الوصول الى العلم من طريق الجواب و لو بالتكرار، و لا إطلاق للآية يدلّ على الاكتفاء بمجرّد السؤال الأوّل، و إن لم يحصل منه علم فيسأل حتى يعلم، فلو لم نصدّق بما في الفرائد و الكفاية من ظهورها في الأمر بالسؤال لكي يعلم فلا أقلّ من عدم إطلاق فيه، و اللّه العالم.
و منها: آية الاذن
، و وضوح عدم دلالتها يغني عن البحث عنها.
فالمتحصّل من الآيات: أنّ دلالة آية النفر و السؤال عن أهل الذكر على حجّية خبر الواحد تامّة، و أنّ كلّا منهما إمضاء و تقرير لفظيّ لسيرة العقلاء، فحدود دلالتهما في شرائط الراوي هي نفس الشرائط المعتبرة عند العقلاء، و هي كونه ثقة ضابطا بالحدّ المتعارف تحمّلا و حفظا. كما أنّ دلالة آية النبأ أيضا تامة على حجيّة
[1] و يمكن ان يقال: إنّ المفهوم من الآية الارجاع الى العالم بشيء لأخذ الجواب عنه، و ان كان ما يعلمه لفظا أو رواية، فلا يحتاج حجية رواية جميع الرواة الى عدم الفصل، بل يدلّ عليه نفس الآية.