بما أنّ قوله طريق معتبر الى ما يعلمه و يخبر عنه، فهي متضمّنة لحجّية خبره و طريقيته، و من الواضح أنّه لا يعتبر و لا يشترط في هذه الطريقة العقلائيّة سوى أن يكون المسئول عالما بما يسأل عنه، من دون فرق بين أن يكون الشيء الّذي يعلمه أمرا محسوسا أو غير محسوس و لا أن يكون عالما بهذا الشيء فقط أو به و بغيره، بل هذه الطريقة جارية في كلّ شيء لا يعلمه الإنسان و كان من الناس من يعلمه، فاذا كان له حاجة فعليه أن يسأل العالم، و يتّبع قوله بما أنّ قوله طريق اليه، و حينئذ فهذه الآية الشريفة أيضا مثل آية النبأ دليل لفظيّ على إمضاء الطريقة العقلائية، و بناء العقلاء على طريقيّة الخبر الواحد.
و عليه فلا يرد على الاستدلال بها شيء، سوى ما في بعض الكلمات من أنّ مورد الآية علائم النبوّة التي يعتبر فيها العلم القطعي و لا يكتفي بالظنّ أصلا.
و هو مندفع بانّ موردها الإرجاع الى السؤال عن العلماء، لكي ينحسم مادّة التوهّم الّذي لا أصل له، من استبعاد أن يكون النبيّ رجلا و إنسانا، و هو توهّم باطل بأدنى تأمّل، و مبناه الأهواء النفسانية التي كانت للملإ المتكبّرين، فجعلوا هذه المقالة آلة يتشبّثون بها في إنكارهم الحقّ الجلي، و يوجّهون بها استكبارهم الواضح، و ربّما يضلّون بها الأفكار الساذجة، و هذا التوهّم العنكبوتي كما يزول بأدنى تأمّل فهكذا ينحسم أصله بالرجوع الى العالم بكيفيّة الأديان الإلهية، و هم المتديّنون بالشرائع السماوية عاليهم و دانيهم، فليس الرجوع اليهم لثبوت علائم النبوّة، بل إنّ نبوّة النبيّ تثبت بالأدلّة الباهرة الموجبة للقطع، حتّى للمتقولين بهذه المقالات فإنّهم أيضا استيقنوا بها و لكنّهم جحدوها ظلما و علوّا.
الوجه الثاني: ما هو المعروف في كتب القوم: من أنّ إيجاب السؤال يلزمه وجوب قبول الجواب، و هو عبارة اخرى عن حجّية قول المجيب الّذي هو خبر واحد.
و اورد عليه: بأنّ المقصود بأهل الذكر: إمّا أهل الكتاب بقرينة ظاهر المورد، و إمّا الأئمّة المعصومون (عليهم السّلام) كما تقتضيه الأخبار التي بعضها معتبرة، و على أيّ حال فلا يعمّ الرواة.