و أمّا بالنسبة الى محذور التكليف بما لا قدرة للمكلف على امتثاله، فلو أراد القائل بالطبيعة تعلّقه بأمر كلّي مقيّد لا ملازم لخصوصية ما، و القائل بالفرد تعلّقه بشخص و لو لم يسر الى غير جهة الطبيعة، فعلى القول بالفرد بهذا المعنى لا يمكن المكلّف امتثال كلا التكليفين، و على هذا و إن كان الأمر بالفرد تخييريا، إلّا أنّ الظاهر اعتبار القدرة في جميع أطراف الواجب التخييري أيضا، اللّهمّ إلّا أن يقال:
نفس متعلّق التكليف في كل من الأمر و النهي مقدور، و الجمع بين التكليفين إنّما يمنع عنه اذا كان كلاهما تعيينيا، فتدبّر.
السّابع: أنّ بحثنا هذا بأيّ عنوان عنون فلا ريب أنّه لا يتحقق له موضوع فعليّ إلّا اذا كان في المجمع
- بناء على تبعية الأحكام للملاكات- ملاك الحكمين كليهما، و هذا هو ظاهر عبارة الكفاية حيث قال: لا يكاد يكون من باب الاجتماع، إلّا اذا كان في كلّ واحد من متعلّقي الايجاب و التحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد التصادق و الاجتماع «انتهى».
و الوجه فيه واضح، فإنّه إن لم يكن فيه ملاك أحدهما لما أمكن جعل حكمه فيه أصلا، فيخرج عن مورد اجتماع الأمر و النهي حتى على الجواز، و عليه فلا يصحّ الإيراد بأنّ البحث في المسألة ممكن، و لو مع عدم التوجّه اليه، لا سيّما اذا كان البحث بصورة أنّه هل يوجب تعدّد الجهة تعدّد موضوع الحكمين؟ اذ البحث و إن كان غير متوقّف عليه، إلّا أنّ موضوعه إنّما يتحقّق مع وجود الملاكين لا مع أحدهما.
كما لا يصحّ الإيراد بأنّ البحث غير موقوف على القول بالملاك، بل يصحّ على مسلك الأشاعرة أيضا، و ذلك أنّه لم يرد ايقاف البحث عليه كما عرفت.
نعم، فيما اذ لم يكن في المجمع إلّا ملاك أحدهما فإجراء أحكام المتعارضين من الرجوع الى أخبار العلاج على دليليهما متوقّف على استظهار أنّ المراد بالمتعارضين في تلك الأخبار أعمّ ممّا كان التعارض بينهما بالذات أو لا، و لا يبعد