فالمتحصّل: أنّا إن أردنا جعل تقسيم صاحب الفصول بعينه منطبقا على مباني المتأخّرين فالواجب أن نقول: إنّ الواجب المشروط على قسمين: فتارة يشترط وجوبه الحالي بأمر متأخّر- سواء أ كان الاشتراط من باب توقّف الملاك أم من باب توقّف التكليف و الخطاب- مع كون الفعل الواجب استقباليا، و هذا هو الواجب المعلّق. و اخرى ليس كذلك، سواء أ كان وجوبه مشروطا فقط بأمر حاليّ أو ماض، أم بأمر متأخّر إلّا أنّه كان الواجب أيضا حاليا، فخلافا للمعروف الواجب المعلّق من أقسام الواجب المشروط بحسب قواعد المتأخرين لا المطلق.
و منها: ما في الكفاية: من أنّ ما دعاه الى هذا التقسيم- أعني اتّصاف المقدمة بالوجوب قبل زمان ذيها- من آثار إطلاق الوجوب و حاليّته، لا كونه معلّقا.
و فيه: ما في النهاية من: أنّ المطلوب منه كون وجوب المقدمة قبل زمان ذي المقدمة من فروع تقدم زمان الوجوب على زمان الواجب، و هو لا يكون إلّا في أحد القسمين، أعني: المعلّق دون غيره.
ثمّ إنّك تعرف بعد ما حقّقناه في تحصيل مراد الفصول: أنّ ما أفاده في الكفاية في ذيل البحث- من إمكان حلّ الإشكال في المقدمة المفوّتة بالالتزام بالشرط المتأخّر، و لا يتوقف على الالتزام بالواجب المعلق- مبنيّ على اختصاص مراده من الواجب المعلّق بما قدّمناه صدر البحث، و إلّا فمع التعميم، فما ذكره من الوجوب المشروط أيضا من أفراد الواجب المعلّق كما مرّ.
و كيف كان فلو اريد التقسيم فالصحيح أيضا ما أفاده الفصول من التعميم، إذ لا بدّ و أن يكون التقسيم تابعا للغرض منه سعة و ضيقا، و حيث إنّ الغرض منه توصيف المقدمة بالوجوب قبل زمان ذيها- و هذا الغرض مرتّب على حاليّة الوجوب و تقدّمه على زمان الواجب من غير دخل لكون الزمان المتأخّر دخيلا في اتّصاف الفعل بالمصلحة و عدمه- فلهذا لا بدّ أن يجعل التقسيم عامّا كما أفاد.
ثمّ إنّه ينبغي تعميم الوجوب المعلّق- كما في الفصول أيضا- الى ما يكون مقيّدا بأمر مقدور اخذ مشروطا بعدم تعلق بعث من المولى اليه، فيكون مشروطا-