و ما قد يتخيّل من رجوع الاستصحاب هنا إلى قاعدة اليقين، فهو أيضا غلط؛ لقيام الضرورة على أنّه قاطع بالطهارة الظاهريّة في ظرف الشكّ فعلا.
نعم، لو أنكرنا جريان الاستصحاب في مؤدّيات الأمارات و الاصول، يلزم إنكار الاستصحاب مطلقا؛ لعدم العلم الوجدانيّ بالأحكام الواقعيّة إلّا ما شذّ، و ما هو الشاذّ منه واضح لا يشكّ فيه.
فالعلم الوجدانيّ بنجاسة الثوب من قبل المنيّ، يرجع إلى العلم بمؤدّى الأمارة القائمة على نجاسة المنيّ، فيكون من العلم بالحكم الظاهريّ، و الشكّ عندئذ يعدّ من الشكّ في البقاء؛ أي بقاء النجاسة الظاهريّة، و ليس هذا من قاعدة اليقين. مع أنّه قد عرفت وجه حجّيتها. بل بناء على هذا لا بدّ من القول بها؛ فرارا من اللغويّة القطعيّة المستوعبة.
و لعمريّ، إنّه على القول: بأنّ باب الأمارات باب الإحراز و الكشف الناقص الحجّة شرعا [1]، و لا معنى لتتميم الكشف [2]، أو باب التنجيز و التعذير [3]، أو باب جعل المؤدّى منزلة الواقع من غير النظر إلى المؤدّي [4]، أو غير ذلك، فكلّه يمكن أن يجتمع مع ما ذكرناه من: أنّه على جميع الفروض يكون على يقين بالحكم و الموضوع في الشبهات الحكميّة و الموضوعيّة، و لو شكّ يعدّ من الشكّ الاستصحابيّ.
و يكفيك شاهدا ملاحظة حالك بالنسبة إلى الاستصحاب الاستقباليّ، مثلا لو قامت البيّنة على أنّ وقت العصر موجود، ثمّ في وقت العصر شكّ في مقدار سعة