لأخسّ المقدمتين، ضرورة أنّه (رحمه اللَّه) كان يهمّ بأن يدرج الأقلّ و الأكثر في المتباينين كي يثبت به الاشتغال، فإذا شكّ في الاندراج لا يثبت الاشتغال، فلا تتمّ الحجّة، فلا تذهل.
و الذي لا يذهب عليك: أنّ ما ذكرناه لا محصول له في بابي الاشتغال و البراءة؛ لأنّه على كلّ تقدير يعدّ من الأقلّ و الأكثر، و من يقول بالاشتغال فيه يقول به هنا.
نعم، يختلف من جهة أجنبيّة، و يعدّ من أقسام أخر من الأقلّ و الأكثر؛ لاحتمال تحقّق الأقلّ و الجزء المشكوك فيه مستقلّا، كما في طواف النساء، فاغتنم.
التنبيه الثاني: حول منع جريان البراءة الشرعيّة عن الأكثر
اختلفوا في جريان البراءة الشرعيّة مع قطع النظر عن كونها محكومة بالأصل الآخر و عدمه، فربّما يقال: بأنّ إجراء البراءة الشرعيّة عن الأكثر، لا يثبت به أنّ الأقلّ هو المأمور به كي يسقط به أمره، إلّا على القول بالأصل المثبت [1].
و بعبارة اخرى: لا يعقل رفع المشكوك الجزئيّة إلّا برفع التكليف عن الكلّ؛ لأنّ الجزئيّة و أشباهها لا تنالها يد الجعل الاستقلاليّ، فإذا كان الرفع المذكور منوطا برفع التكليف عن الكلّ، فلا بدّ من دعوى رجوع التكليف- بعد الرفع- متعلّقا بالأقلّ، و هو غير ثابت إلّا بدليل حديث الرفع المقصور بنفس الجزء، فيكون لازمه وجوب الكلّ، و هذا هو أهون الاصول المثبتة، فجريان البراءة العقليّة و عدمه غير دخيل في الشرعيّة؛ و أنّ الثانية على كلّ تقدير غير جارية.
و أمّا حديث الملازمة بين البراءتين مطلقا أو من جهة خاصّة، فيأتي- إن شاء