البقاء و الاستمرار للقضيّة، و قد فرغنا من أنّ «اليقين» في الأخبار ليس العلم التصوّري، بل هو التصديقي بالضرورة. و من هنا يظهر وجود فعليّة اليقين في ظرف الشكّ؛ لعدم صدقه في مورد الشكّ الساري.
و أمّا اعتبار تقدّم القضيّة المتيقّنة على المشكوك فيها رتبة، فهو أيضا ممنوع؛ لعدم العلّية بينهما بالضرورة، و لا معنى للتقدّم الرتبيّ إلّا بينهما. و لذلك لا قصور في شمول إطلاق الأخبار للاستصحاب القهقهريّ، إلّا أنّه إمّا لا حاجة إليه؛ لقيام الأمارة و بناء العقلاء على أصالة اتحاد العرفين.
أو لتعارض استصحاب العدم الأزليّ مع القهقريّ، فتصل النوبة إلى بناء العقلاء؛ ضرورة أنّه عند عدم وجود اللفظ المذكور، لم يكن المعنى الموجود المتيقّن معناه في الأزل، ففي عصر الأخبار يتعارضان. و حديث مثبتيّة الأصل الأوّل مدخول يأتي تفصيله في محلّه إن شاء اللّه تعالى [1].
فأركان الاستصحاب أربعة: القضيّة المتيقّنة، و القضيّة المشكوك فيها، و اتحاد الموضوع و المحمول، و اتصال زمان الشكّ باليقين.
أو هي خمسة و هي: الأوّل، و الثانيّ، و الثالث، و الترديد في محمول القضيّة الاولى، و الاتصال المذكور الراجع إلى عدم تخلّل القضيّة البتّية النافية فيها المحمول في القضيّة الاولى.
بقي شيء: في قاعدة المقتضي و المانع
إنّ من القواعد المتداولة قاعدة المقتضي و المانع، و معناها هو أنّ المانع يمنع عن تأثير المقتضي، فلو احرز المقتضي، و شكّ في وجود المانع، أو مانعيّة الموجود عن أثر المقتضي، فهل يحكم بذلك الأثر، أم لا؟
فمقتضى الاستصحاب عدم تحقّق الأثر، فيكون دليل الاستصحاب رادعا
[1]- ممّا يؤسف له عدم وصول الكتاب إلى هذه المباحث.