قلنا: ظاهر الصدر أنّ الوضوء واجب نفسيّ، و لا يقول به أحد، كما أنّ ظاهره الثاني هو الوجوب الغيريّ، و هو أيضا لا يقول به جمع. و حمله على الوجوب الشرطيّ في مثل هذا التركيب غير معهود؛ فإنّ الواجبات الشرطيّة تلقى ضميمة للواجب النفسيّ، كقوله (عليه السلام): «لا صلاة إلّا بطهور» [1] أو «لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه» [2] أو «لا صلاة إلّا إلى القبلة» [3] و غير ذلك [4].
إن قلت: الظاهر من قوله «و لا ينقض اليقين أبدا بالشكّ» أنّه كما لا بدّ من متيقّن و هو الوضوء مثلا، لا بدّ من مشكوك و هو الوضوء؛ حسب الظاهر، فحمله على خلافه غير ظاهر.
قلت أوّلا: بعد كون الكلام في الصدر حول النوم و ناقضيّته و موجبيّته، يجوز أن يكون المشكوك هو النوم؛ أي «لا تنقض اليقين بالوضوء أبدا بالشكّ في النوم».
و ثانيا: إنّ ظاهر قوله «و لكن ينقضه بيقين آخر»- بل هو المتعين- أنّ اليقين الآخر متعلّق بالنوم مثلا، لا الوضوء بالضرورة، فهو قرينة على أنّ المشكوك فيه هو النوم مثلا، فالرواية أجنبيّة عن الاصول العمليّة، و تندرج في مسألة اخرى كما مرّ.
السابعة: أنّ قوله (عليه السلام): «و إلّا» على جميع التقادير، و قوله: «حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن» ظاهران في أنّ الأمر البيّن له الدخالة في إيجاب الوضوء، و لو كان معنى قوله: «و إلّا» أي «و إن لم يجيء من ذلك أمر بيّن فيجب الوضوء؛ فإنّه على يقين ...» إلى آخره.
[1]- وسائل الشيعة 1: 365، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 1، الحديث 1، و 368 الباب 2، الحديث 3.
[2]- وسائل الشيعة 4: 347، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي، الحديث 7، مع اختلاف يسير.
[3]- وسائل الشيعة 4: 312، كتاب الصلاة، أبواب القبلة، الباب 9، الحديث 2.
[4]- كقوله (عليه السلام): «لا يصلّي في جلود الميتة». وسائل الشيعة 4: 355، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي، الباب 6، الحديث 4.