كما يستظهر أحيانا ممّا ورد في عدّه (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) جهلة العامّة من العصاة- و هم عصاة إلى يوم القيامة- أنّ البدعة غير متقوّمة بالقصد؛ لكونهم معتقدين أمر اللّه تعالى بوظيفتهم، فمجرّد احتمال الأمر غير كاف لصحّة الاحتياط.
و بالجملة: محطّ الكلام لا ينبغي أن يخفى؛ و هو أنّ الاحتياط في صورة احتمال التكليف اللزوميّ. إلّا أنّه إذا كان في تركه الاحتياط، أو تركه لازما، فلا معنى له. و إن اريد منه إسقاط الأمر المحتمل، فربّما لا يحصل له ذلك؛ لاحتمال دخالة شيء في سقوطه، و هو جاهل به، و غير واصل إليه ذلك الشيء، فالانقياد بمعناه الإطلاقيّ غير حاصل، و بمعناه الاحتماليّ مشترك بين الفعل و الترك. هذا بحسب الوقائع الخارجيّة.
نعم، بحسب الفرض و التصوّر يمكن الاحتياط، كما هو الواضح.
تنبيه: توهّم عدم إمكان الاحتياط في العبادات و ما فيه
ربّما يتوهم: أنّ في موارد العبادات لا يمكن الاحتياط؛ لأنّه لا معنى للانبعاث عن الأمر المحتمل [1].
و فيه أوّلا: أنّ حقيقة الاحتياط كما في العبادات، متقوّمة بالانقياد، و هو لا يحصل إلّا في صورة الالتفات إلى الأمر، فلا يحصل فرق بين التعبّدي و التوصّلي.
و سقوط الأمر التوصّلي من غير التفات، غير الاحتياط في التوصّليات.
و أمّا تقوّم الانبعاث بالبعث المعلوم إجمالا أو تفصيلا، فهو ممنوع كما يأتي- إن شاء اللّه تعالى- [2] و مرّ في مواضع من هذا الكتاب [3]؛ فإنّ ميزان عباديّة العبادة