بالضرورة فيلزم، و النتيجة هي التخيير الاستمراريّ، و لأجل هذه الجهة ذهب المعظم إلى التخيير و عدم الترجيح [1].
نعم، قد ذكرنا في موضع من هذا الكتاب: أنّ قضيّة بعض الموازين العقليّة الخارجة عن نطاق طلّاب العلوم الاعتباريّة؛ أن الاشتغال اليقينيّ لا يقتضي إلّا ممنوعيّة المخالفة القطعيّة، و أمّا الموافقة العلميّة فلا أثر لها [2]، و ما هو موجب للآثار السيّئة هي المخالفة القطعيّة للمولى، فلو شكّ مثلا في أنّه أتى بما هو الواجب عليه، و احتمل إتيانه، فلا يبعد جريان البراءة الشرعيّة، على تأمّل فيه جدّا، و على هذا لا تجوز المخالفة القطعيّة؛ لأنّها تستتبع الآثار السيّئة في تبعات الأعمال، بخلاف الموافقة القطعيّة، فإنّه لا أثر لها في حدّ ذاتها، و على هذا لا بدّ من اختيار التخيير البدويّ، دون الاستمراريّ.
بقي شيء: ربّما يمكن دعوى: أنّه لا يكون التخيير استمراريّا و لو كان العلم الإجماليّ مقتضيا بالنسبة إلى الموافقة القطعيّة، و علّة بالنسبة إلى المخالفة القطعيّة؛ لأنّ المراد من «المقتضي» ليس إلّا إمكان الترخيص الشرعيّ، و هو هنا مفقود، فما في كلام العلّامة الأراكيّ [3] غير واقع في محلّه.
قلت: نعم، و لكن يمكن دعوى أنّ الفرق بين الاقتضاء و العلّية، كما يظهر في ذاك المورد، يظهر هنا أيضا، و يكون العلم الإجماليّ مؤثّرا بالقياس إلى المخالفة، دون الموافقة، فلا تخلط.