و حيث إنّ ما ذكرنا جمعا بين أخبار الردّ و البراءة، يكون هنا أظهر، فلا حاجة إلى ما أفاده القوم من الوجوه التي ربّما تبلغ إلى العشرة [2]، فإنّ في المقبولة قال:
«و أمر مشكل يردّ حكمه إلى اللّه» فلا يقاس، و لا يستحسن، و لا يجوز التقوّل فيه مثلا بشيء، بل حكمه من الحلّية أو الحرمة عند اللّه، و أمّا الجري العمليّ بارتكاب الشبهة التحريميّة و ترك الوجوبيّة، فهو أمر آخر يدلّ عليه أخبار الحلّ و البراءة.
و قد ورد في كثير من الأخبار ما يشير إلى الجمع المذكور، ففي رواية زرارة:
ما حقّ اللّه على العباد؟
«أن يقولوا ما يعلمون، و يقفوا عند ما لا يعلمون» [3]. و في رواية هشام نحوه [4].
و في رواية الراونديّ قول (عليه السلام): «من له أدب فعليه أن يثبت فيما يعلم، و من الورع أن لا يقول ما لا يعلم» [5].
و في رواية سماعة قوله (عليه السلام): «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به، و إن جاءكم ما
[1]- تهذيب الأحكام 7: 474/ 1904، وسائل الشيعة 27: 159، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 12، الحديث 15.