يتوجه إلى القائلين بانحلال الخطاب إلى الخطابات الشخصية الجزئية [1]، امتناع كون القانون محفوظ الإطلاق بالنسبة إلى صورة القطع و عدمه، ضرورة أن الجاهل كيف يشترك مع العالم في الحكم، مع أن توجيه الخطاب إلى الجاهل- في الامتناع- في حد توجيهه إلى العاجز و الغافل؟! فالإطلاق ممتنع في ذات الأدلة، و إذا امتنع الإطلاق امتنع التقييد، فيلزم مشكلة غير قابلة للحل، لأن الحكم و إن لم يكن بحسب المصالح و المفاسد متقيدا، و لكن لمكان امتناع توجيه الخطاب إلى الجاهل، يعجز المولى عن إيصال مرامه، و هو تكليف الجاهل، و توجيه الخطاب الجدي إليه، و عندئذ إذا امتنع إطلاق القانون بالنسبة إلى الجاهل، امتنع التقييد بالقياس إلى العالم، لما سيأتي تفصيله في الصورة الثالثة من الصور، و هو أن التقييد يستلزم الدور [2].
و بالجملة: ما تخيله المتأخرون كلهم: من أنه في هذه الصورة لا يكون إشكال، لأن القطع يعد كاشفا و طريقا، و يكون الحكم متعلقا بموضوعه على إطلاقه، لعدم أخذ العلم قيدا لا للحكم، و لا في الموضوع، إنما هو في غير محله، لأن عدم أخذ المولى قيدا، يدل- حسب الظاهر- على سعة محبوبية المادة، و اشتراك العالم و الجاهل، و لكن تدخل العقل في المسألة لشبهة، يوجب أن تكون جميع القوانين مبتلية بمشكلة ذات شعبتين، و تصير النتيجة عدم إمكان وصول المولى إلى مرامه، لا إلى تكليف الجاهل، و لا إلى تكليف العالم.
[1]- و هو المعروف المشهور و قد خالفهم المؤلف (قدّس سرّه) تبعا لوالده العلامة الإمام الخميني (قدّس سرّه)، لاحظ تحريرات في الأصول، الجزء الثالث: 341.