أقول: هذه المسألة و لو كانت كلية عقلية و مبرهنة في محالها [1]، إلا أن مصاديقها مما لا ينالها العقل، لعدم اطلاعه على خصوصيات تبعات الأخلاقيات، لإمكان وجود بعض الأمور المانعة منها، أو لعدم تمامية المقتضيات.
و لذلك لو تم هذا الكلام، للزم عدم جواز إجراء البراءة العقلية أو الشرعية في موارد الشبهات، و حيث هي واضحة عند كافة العقول، و مؤيدة بالشرع المقبول، يستبان منه أن مجرد إدراك القبح غير كاف، ضرورة أنه في صورة العصيان، يحشر المرء مع صورة مؤذية من سنخ ما شر به، نعوذ باللّه تعالى، و أما في صورة التجري، فكون ذات الإرادة مستتبعة لأمر، و لصورة مؤذية و لعقاب، فهو غير معلوم، لعدم منع من الشرع.
نعم، لو كان يكفي مجرد القبح للزم ذلك، كما مر في مثل العصيان و الظلم، و كثير من المحرمات، فليتأمل جدا.
وهم و دفع
لأحد دعوى: أن الإرادة في صورة التجري ليست قبيحة، لأنها ليست منبعثة عن المحرم، ضرورة أن المتجري في صورة القطع بالمحرم، لا ينبعث نحو المحرم بإرادة التجري، و في صورة قيام الأمارات الاخر على الحرام، أيضا لا يريد أن يتجرأ على مولاه، بل يريد شرب المسكر، فإن صادف هذه الإرادة الواقع فقد أتى بالإرادة القبيحة، و إلا فلا تكون الإرادة قبيحة، و بذلك ينحل الإشكال.
و يندفع: بأن لازم هذا التقريب عدم قبح إرادة من يريد التبريد بشرب الخمر، و أنه لا يستحق العقوبة، لأن العقوبة مترتبة على إرادة منبعثة عن عنوان محرم، و في المثال المزبور ليست الإرادة هكذا، فلا قبح، و لا استحقاق، و حيث إنه