إن مسألة التجري من المسائل الفقهية، لأن البحث حول حرمته، و عدم حرمته، أو حول كون العبد مستحقا للعقوبة عقلا و عدمه، حتى يترتب عليه فسقه، و عدم قبول شهادته، فيكون بحثا صغرويا محتاجا إلى الإثبات، إما بدعوى شمول الأدلة الشرعية و القوانين الكلية له، أو بدعوى كشف العقل في مورده- لأجل الملازمة- حرمته الشرعية، أو لأجل أنه قبيح، و يكون من مصاديق القاعدة الكلية:
«و هي أن كل قبيح عقلي يستحق العبد العقوبة عليه».
فما يظهر من بعضهم: من احتمال كونها أصولية أو كلامية [1]، خال من التحصيل جدا، ضرورة أن الخلط بين المسألة الفقهية و بين دليلها، غير جائز.
و بعبارة أخرى: يتفحص الأصولي في هذه المسألة عن إمكان شمول الإطلاقات للتجري و عدمه، لا عن الدليل و حجيتها، كما هو الظاهر، و هكذا يتفحص عن إمكان إدراج التجري في قاعدة استحقاق العقاب على القبيح و عدمه، و لذلك ليس قبح العصيان أيضا من المسائل الكلامية، فإنها بحث كلي حول عنوان القبيح، و استحقاق العقوبة عليه، من غير تعرض لخصوص مصداقه، عصيانا كان، أو تجريا،