و قد مرّت مشكلة ابن قبة في المسألة بما لا مزيد عليه [1].
و هنا تقريب آخر: و هو أنّ المتضلّع الخبير بالمسائل التأريخيّة، و الناظر البصير بالمسموعات و الاتفاقات و الحوادث، يجد امتناع الاطلاع عادة على ما هو واقع الأمر، و على ما هو حقيقة الحادثة، و لذلك تختلف الحكايات عن القضيّة الواحدة في عصرهم و مصرهم، فكيف إذا كان بعيدا عنهم، و بعيدا عنّا؟! فإنّ في هذه النظارة، لا يصلح عند العقل تلك الأخبار للحجّية و الكاشفيّة، فإنّه بعد العلم بوقوع الدسّ فيها بما عرفت و اشتهر، لا يعقل اعتبار الحجّية لتلك الأخبار، كما لا معنى لحجّية الخبر المعلوم كذبه.
و بالجملة: لا منع ذاتا من جعل الحجّية للخبر الواحد، و إنّما المنع في حجّية أخبار الفقه الموجودة عندنا. و إلى ذلك يشير ما في الأخبار السابقة: من الاحتراز عمّا لا شاهد عليه أو شاهدان من كتاب اللَّه عزّ و جلّ فلا ينبغي الخلط بين المسألة الكلّية، و خصوص تلك الأخبار البعيدة عنّا عصرا و مصرا، و المخلوطة بالأباطيل قطعا و يقينا، فلو قام دليل فرضا على الحجّية، فهو دليل على مسألة كلّية، لا في خصوصها. و لو كان في خصوصها، فهو مقصور بالنسبة إلى المتلقّين في عصر الخبر قبل وقوع الاغتشاش فيها، و بذلك يجمع بين الآثار الدالّة على الحجّية و على اللاحجّية.