ما تدل على تنويع الأخبار إلى طائفتين: الموافق، فيكون حجّة، و غير الموافق، فلا يكون حجّة، و لا يوجد بين أخبار المسألة إلاّ خبر واحد يقتضي ذلك، و هو ما رواه «الوسائل» عن «الأمالي» معتبرا، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: «انظروا أمرنا و ما جاءكم عنّا، فإنّ وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، و إن لم تجدوه موافقا فردّوه ...» [1].
و في عمرو بن شمر إشكال [2]. و حيث لا صدر له يحتمل سقوط ما يورث كونه من الأخبار العلاجيّة، فيخرج عن مسألتنا. هذا مع أنّ كتاب «الأمالي» ليس من الكتب المتواترة.
ثمّ إنّ هنا إشكالا على كافّة تلك الأخبار الآمرة بالأخذ بالموافق [3]، و ما له الشاهد و الشاهدان [4]: و هو أنّ الأخذ به لا معنى له، لرجوع ذلك إلى الأخذ بالكتاب، فيكون نتيجة هذه الأخبار لغويّة حفظ الآثار كلّها، لأنّ المخالف مطروح، و غير المخالف لا بدّ و أن يكون موافقا، و إلاّ فيطرح، و الموافق للكتاب أيضا مطروح في الحقيقة، فتكون نفس هذه الأخبار نفس ما قاله الملعون «حسبنا كتاب اللَّه» [5].
فمن هنا يظهر إمكان كون الكلّ مدسوسا في الأخبار، نظرا إلى المقاصد الفاسدة، و الآراء الباطلة لعلماء السوء، و للحكّام الجائرين.
[1]- الأمالي، الشيخ الطوسي: 231- 410، وسائل الشيعة 27: 120، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 9، الحديث 37.